السبت 19 أبريل 2025
مادة إعلانية

شهدت الحدودية الشمالية الشرقية للبنان اشتباكات عنيفة بين قوات تابعة للإدارة السورية الجديدة ومسلحين من عشائر لبنانية موالية لحزب الله، منذ عدة أيام.

واندلعت المواجهات بعد أن نفذ الأمن العام السوري عمليات واسعة لمكافحة الاتجار بالمخدرات وتفكيك معامل الكبتاغون، المنتشرة على الحدود.

وداهم الجيش السوري قرى عدة حدودية، هي: حاويك، وجرماش، وهيت، التي كانت تعد مراكز رئيسية لتهريب المخدرات، علماً أن هذه القرى كانت خاضعة لسيطرة ميليشيا حزب الله اللبناني، وتمتد من منطقة القصير السورية إلى منطقة الهرمل داخل الأراضي اللبنانية، وتضم عائلات تحمل الجنسية اللبنانية وتنتمي إلى عشائر الهرمل، مثل عائلات زعيتر، نون، وجعفر.

وأسفرت الاشتباكات عن سقوط قتلى وجرحى وأسرى من الجانبين، لتجري بعدها عملية تبادل.

وفي هذا السياق، يشير الكاتب الصحافي الدكتور غسان عبد القادر لـ “يلا سوريا”، إلى وجود عدة عوامل، وضغوط مختلفة، أدّت إلى تقويض قوة وتأثير حزب الله، باعتباره كياناً سياسياً وعسكرياً مهماً في لبنان، وتأثيره في لبنان وسوريا.

ولفت عبد القادر إلى أن الفصائل السياسية المختلفة في الداخل اللبناني، مارست ضغوطاً على بعضها البعض، وأن حزب الله ليس بمنأى عن هذه الديناميكية المعروفة، إلى جانب الديناميكيات الإقليمية، حيث يتأثر حزب الله باللاعبين الإقليميين، وخاصة بالنظر إلى علاقاته القوية مع إيران وموقعه في سياق المشهد الجيوسياسي الأوسع في الشرق الأوسط. 

وأضاف عبد القادر: “يمكن للتغيرات في العلاقات بين إيران ودول أخرى، أو التحولات في أدوار الجهات الفاعلة الإقليمية الرئيسية مثل المملكة العربية السعودية أو إسرائيل، أن تخلق ضغوطاً على حزب الله”.

وفيما يتعلق بأداء حزب الله المستقبلي في لبنان والجوار، رأى عبد القادر أن هناك عدة عوامل قد تلعب دوراً في هذا السياق، منها: القدرة على الصمود في السياسة الداخلية، فقد يحافظ حزب الله على نفوذه داخل لبنان، وخاصة في المناطق التي أنشأ فيها خدمات اجتماعية ودعماً مجتمعياً، على الرغم من أن علاقته بالجهات السياسية الفاعلة الأخرى، والمشاعر العامة قد تتطور سلبياً تجاهه في الانتخابات القادمة البلدية والنيابية.

 عسكرياً، من المرجح أن يستمر الدور العسكري لحزب الله وموقفه ضد إسرائيل، وإن بشكل محدود في تشكيل استراتيجياته وأفعاله، مما يعكس التوترات الإقليمية الأوسع بحسب عبد القادر، الذأشار إلى أن مسار حزب الله، سوف يتأثر، بشكل عام، بمجموعة من الديناميكيات السياسية الداخلية والصراعات الإقليمية وقدرته على الاستجابة للواقع الاقتصادي الذي يواجه لبنان.

 وأوضح عبد القادرأن تداعيات إسقاط النظام الأسدي في سوريا أدت إلى تقليص سيطرة إيران على المنطقة، وتعطيل اتصالاتها اللوجستية والاستراتيجية مع حزب الله في لبنان.

 “في الأمد القريب، قد تقدم رئاسة عون بعض الفوائد الاستراتيجية لحزب الله، وخاصة فيما يتعلق بديناميكيات الأمن الإقليمي، ومن بين الاحتمالات المهمة النفوذ التفاوضي الذي قد يتمتع به عون فيما يتعلق بانسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان، إلى جانب تأمين الدعم المالي الدولي لجهود إعادة الإعمار في المناطق التي يهيمن عليها حزب الله، وقد يساعد هذا في تخفيف بعض الضغوط المباشرة التي تواجه لبنان وقاعدة حزب الله”.

لكن في المقابل، قد تأتي هذه المكاسب القصيرة الأجل على حساب نفوذ حزب الله في الأمد البعيد، وقد تعمل رئاسة عون على تمكين الجيش اللبناني، مما قد يؤدي إلى وجود عسكري وعملاني أكبر في المناطق التي كانت تحت سيطرة حزب الله، وبالتالي تحدي قدرات المنظمة، وفق عبد القادر. 

وعلاوة على ذلك، إذا كان عون يُنسب إليه إلى حد كبير تأمين المساعدات الدولية، فقد يخلق ذلك رواية مفادها أن حزب الله فشل في مساعدة ناخبيه أثناء الصراع الدائر، مما أدى إلى تآكل الدعم الشعبي في الأمد البعيد.

ومن المتوقع، بحسب الكاتب الصحافي اللبناني، أن تستفيد الدول العربية والغربية من هذا التحول. وتوضح الجهود الجماعية التي تبذلها “الخماسية” ــ الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية وقطر ومصر ــ محاذاة استراتيجية تسعى إلى استقرار لبنان وتقليص قبضة حزب الله على السلطة. 

من منظور الولايات المتحدة، تتوافق العلاقة الوثيقة بين عون والقوات المسلحة اللبنانية بشكل جيد مع المصالح الأميركية في كبح حزب الله واحتواء النفوذ الإقليمي لإيران، مما يجعل الولايات المتحدة أكثر استعداداً للتعامل مع إدارة عون، وفق عبد القادر.

و مع انتخاب عون رئيساً للبنان، قد تخضع المصالح الاستراتيجية الأميركية في لبنان لتحول، فقد كانت أولويات الولايات المتحدة تاريخياً، تركز على مواجهة حزب الله، والحد من التوسع الإيراني، ومنع الانهيار الكامل للدولة اللبنانية. وربما تعمل رئاسة عون وعدم الاستقرار الذي واجهه حزب الله على تخفيف بعض هذه المخاوف، على حد قول عبد القادر.

تجدر الإشارة إلى أن الرئيسين عون والشرع كانا قد أجريا اتصالاُ منذ عدة أيام، واتفقا من خلاله على ضبط الحدود، وسط تأكيدات من الجانبين على ضرورة الحد من تجارة المخدرات التي تنشط على الحدود بين البلدين.

خاص_يلا سوريا