السبت 17 مايو 2025
مادة إعلانية

يلاسوريا _ رنيم سيد سليمان

أعلنت الحكومة السورية نيتها طباعة عملة جديدة خارج روسيا لأول مرة منذ اندلاع الثورة في عام 2011.

ويمثل القرار نقطة تحول في السياسة النقدية لسوريا، ويعكس تغيرًا في موازين التحالفات الإقليمية والدولية، مع ما يحمله من دلالات على بدء مرحلة جديدة في تاريخ البلاد.

نهاية التبعية النقدية لموسكو:

لطالما كانت روسيا الشريك الرئيسي لسوريا في طباعة العملة، وقد زودت دمشق بالأوراق النقدية خلال سنوات الحرب، مقابل النفوذ السياسي والدعم العسكري، إلا أن الحكومة السورية الجديدة بدأت مفاوضات متقدمة مع شركات إماراتية وألمانية لطباعة أوراق نقدية جديدة، ضمن خطة لإنهاء هذا الاعتماد الطويل، وإعادة تشكيل بنية السيادة الاقتصادية السورية.

شركات الطباعة الجديدة وتفاصيل التصميم:

تشير التقارير إلى أن الحكومة السورية تتفاوض حاليًا مع شركة “أومولات” في دولة الإمارات، إضافة إلى شركتين ألمانيتين هما “بوندسدروكراي” و”جيزيكه أوند ديفرينت”.

ومن أبرز ملامح التصميم الجديد للعملة إزالة صورة رأس النظام البائد بشار الأسد من الفئات الرئيسية، في إشارة واضحة إلى بدء حقبة سياسية جديدة في البلاد.

الخلفيات السياسية والدوافع الاقتصادية:

يتزامن هذا التحول مع انفتاح سوري على العالم العربي والغربي، ونجاح الحكومة الانتقالية في إعادة بناء بعض الجسور الدبلوماسية.

ويعكس رفع العقوبات الأميركية جزئيًا، وتسوية متأخرات ديون البنك الدولي بتمويل من السعودية وقطر، رغبة إقليمية في دعم استقرار سوريا اقتصاديًا مقابل إصلاحات سياسية، وطباعة عملة جديدة خارج روسيا تأتي ضمن هذه التوجهات.

أزمة السيولة وضرورة الإصلاح النقدي:

تعاني سوريا من أزمة سيولة حادة، وانخفاض قيمة الليرة أمام العملات الأجنبية، ما أثر بشكل مباشر على حياة المواطنين.

هذه الأزمة دفعت إلى تسريع إصدار العملة الجديدة لضخ أوراق نقدية في السوق وتحسين الثقة بالاقتصاد المحلي، ومع ذلك، لا يُتوقع أن تُحدث هذه الخطوة فرقًا كبيرًا بدون سياسات مالية متوازنة وإصلاحات هيكلية.

رمزية التغيير النقدي:

العملة ليست مجرد وسيلة تبادل، بل تمثل صورة عن الدولة والسلطة والمرحلة التاريخية،وفي الحالة السورية، فإن حذف صورة الأسد عن العملة الجديدة هو إعلان رمزي لنهاية عهد طويل، ومحاولة لخلق هوية نقدية جديدة تعبر عن تطلعات شعب أنهكه الصراع، ويأمل بمستقبل أكثر استقرارًا وكرامة.

إن طباعة عملة سورية جديدة خارج روسيا لا تعني فقط تغيير الورق، بل تعني أيضًا تغييرًا في المعادلات السياسية والاقتصادية التي حكمت البلاد لسنوات، وهي خطوة في طريق طويل نحو التعافي، قد تفتح الباب لمزيد من الإصلاحات، إذا ما ترافقت مع إرادة حقيقية للانتقال إلى واقع اقتصادي أكثر عدلًا وشفافية.

وبين الحذر والأمل، تترقب العيون أولى أوراق الليرة الجديدة، كرمز لولادة سوريا مختلفة.