الإثنين 8 سبتمبر 2025
مادة إعلانية

يلا سوريا _ رنيم سيد سليمان

خطوة وُصفت بالمفصلية يشهدها الملف النقدي في سوريا، بعدما أعلن حاكم المصرف المركزي “عبد القادر الحصرية” عن البدء بتغيير العملة وحذف الأصفار منها. وأكد أن العملية تحمل أبعاداً سياسية وسيادية توازي التحولات التي عرفتها البلاد في السنوات الأخيرة.

التحرر المالي ورمزية الليرة

صرّح الحصرية خلال لقاء متلفز أن تغيير العملة يشكّل “التحرر المالي بعد التحرر السياسي وسقوط النظام البائد”، موضحاً أن الليرة السورية باتت اليوم رمزاً للتحرر وتجسيداً للجمهورية الثانية، فيما يجسّد المصرف المركزي نفسه رمز السيادة الاقتصادية.

ولفت إلى أن المصرف يُعد ثالث أعرق مؤسسة نقدية عربية بعد السعودية والعراق، مبيّناً أن هذه المرحلة تمثل انتقالاً للعمل “وفق رؤى عالمية” والانفتاح على النظام المالي الدولي.

مراحل الطباعة وحذف الأصفار

أوضح الحصرية أن طباعة العملة تمر بمراحل طويلة ومعقدة يجري التحضير لها عبر لجان استراتيجية وتشغيلية.

وبيّن أن قرار حذف صفرين من العملة قد حُسم بشكل نهائي، مؤكداً أن حذف الأصفار “لن يؤثر في قيمتها الحقيقية”، بل الهدف منه تسهيل الحسابات اليومية والعمليات التجارية.

وأضاف: “حذف الأصفار بداية جديدة نريد أن يشارك بها الجميع”.

الليرة الجديدة

أعلن الحصرية أن اسم العملة سيتحوّل إلى “الليرة الجديدة” للتمييز الحسابي، موضحاً أن العملية لا تتضمن ضخ كميات إضافية بل تقتصر على استبدال الأوراق المتداولة.

وأكد أن المصرف سيطلق حملة توعوية شاملة لشرح آلية الاستبدال وتسجيل مبالغ المواطنين مسبقاً لتكون جاهزة للسحب دون تأخير.

وبيّن أن الإصدار الجديد يتضمن “مواصفات أمنية متطورة” لتعزيز الثقة بالعملة وحمايتها من التزوير، مشيراً إلى أن ست فئات مختلفة من الليرة الجديدة قيد الطباعة حالياً، مع ضمان استمرار توفر الكتلة النقدية في السوق.

الثقة بالقطاع المصرفي

اعتبر الحصرية أن نجاح العملية يتوقف على تأمين الاستقرار الاقتصادي والمالي، مؤكداً أن “المصرف المركزي يراهن على وعي الشعب وثقته بمؤسساته”.

وأوضح أن العمل جارٍ بالتوازي على تطوير وسائل الدفع الإلكتروني وتسهيل التعاملات.

وأشار إلى أن ترخيص مصارف جديدة من شأنه أن يسهم في جذب الاستثمارات وتنشيط الاقتصاد الوطني، مضيفاً أن الهدف الاستراتيجي للمصرف هو رفع جميع القيود عن السحوبات في موعد محدد.

وختم بالتشديد على أن “قوة العملة تأتي من ثقة الشعب بها قبل أي غطاء ذهبي”، مؤكداً أن المصرف يتدخل بشكل فوري لمعالجة أي مشكلات لضبط سعر الصرف وخفض التضخم.

تغيير العملة وحذف الأصفار يشكّلان اختباراً حقيقياً لقدرة النظام المصرفي على استعادة الثقة وتثبيت الاستقرار المالي، ويبقى نجاح هذه الخطوة رهن تطبيقها بسلاسة، ومدى استعداد الشارع السوري لتبنّي “الليرة الجديدة” كرمز لمرحلة اقتصادية مختلفة.