سوريا بين الأمل والتحديات أولويات المرحلة المفصلية
حمص – حسن الأسمر
تعيش سوريا مرحلة مفصلية من تاريخها، بعد سنوات الثورة السورية المباركة والمعاناة، ومع بروز بوادر التحول نحو واقع أكثر استقرارًا، تبرز مجموعة من الأولويات الوطنية الملحّة التي لا تحتمل التأجيل.
فالمشهد السوري اليوم يتطلب رؤية شاملة تعالج الجذور وتضع أسسًا صلبة لمستقبل مستدام يضمن كرامة المواطن السوري في الداخل والخارج.
أولاً: رفع العقوبات – بوابة لإنعاش الاقتصاد
تُمثل العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا واحدة من أبرز العوائق أمام إعادة الإعمار وتحسين الوضع المعيشي. فبينما يعيش ملايين السوريين تحت خط الفقر، تبقى الحاجة ملحّة لتخفيف هذه القيود بما لا يتعارض مع المساءلة، بما يفتح الباب أمام تدفق المشاريع والاستثمارات، ويمنح السوريين فرصة لإعادة بناء حياتهم بكرامة.
ثانيًا: العدالة والمحاسبة – لا إفلات من العقاب
لا يمكن تحقيق سلام حقيقي دون محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات، من جميع الطوائف والانتماءات، سواء من الشبيحة أو من تورط في ارتكاب جرائم بحق الشعب. فالمصالحة لا تُبنى على التجاهل، بل على الحقيقة والإنصاف.
ثالثًا: الأمن لكل السوريين
تعزيز الأمان في كل مناطق سوريا هو حجر الأساس لأي نهوض حقيقي. فالأمن لا يجب أن يبقى حكرًا على مناطق دون أخرى، بل يجب أن يكون حقًا لكل مواطن، دون تمييز عرقي أو طائفي أو سياسي.
رابعًا: دور المغتربين – جسور دعم وتنمية
السوريون في الخارج، الذين تشكلهم الكفاءات والخبرات، يمكن أن يكونوا رافعة قوية للتنمية. المطلوب هو خلق بيئة مواتية تشجعهم على دعم أهلهم، سواء عبر مشاريع استثمارية، أو مبادرات إنسانية وتنموية مباشرة، خصوصًا في المناطق الأكثر تضررًا.
خامسًا: سلام حقيقي وعدالة انتقالية
لكي لا تعود دوامة العنف، يجب وضع مسار واضح للعدالة الانتقالية، خالٍ من المحسوبيات والصفقات السياسية. هذا المسار يجب أن يضمن حقوق الضحايا، ويؤسس لمرحلة جديدة قائمة على القانون والمواطنة المتساوية.
سادسًا: محاكمة كل من تورط بسفك الدماء
العدالة لا تكتمل دون محاسبة كل من شارك في قتل السوريين خلال السنوات الأربع عشرة الماضية. إنصاف الضحايا ومنع تكرار المجازر يبدأ من تفعيل مبدأ “لا أحد فوق القانون”.
سابعًا: إعادة إعمار المساكن – أول خطوة للعودة الكريمة
يعاني مئات الآلاف من النازحين والمهجّرين في شمال سوريا من ظروف إنسانية قاسية. إطلاق مشاريع سكنية عاجلة لإيوائهم يمثل أولوية قصوى، ويعد بوابة أساسية لتحقيق الاستقرار والكرامة.
ثامنًا: المثقفون والعقلاء – صمّام أمان وطني
في ظل الواقع السياسي، لا بد من دور وطني متقدم للنخب المثقفة والعاقلة من كل الطوائف والمكونات. هؤلاء يمكن أن يشكلوا نواةً لحماية الدولة والمجتمع من الانزلاق نحو الفوضى، وتقديم رؤية جامعة تعيد الثقة بين المواطنين ومؤسساتهم.
الخلاصة إن طريق التعافي طويل، لكن أولى خطواته تبدأ بإرادة صادقة ورؤية واقعية. فبتحقيق هذه الأولويات، يمكن لسوريا أن تخرج من عنق الزجاجة نحو وطن يحترم الإنسان، ويحمي مستقبله، ويكرّس قيم العدالة والحرية. إنها لحظة وطنية تتطلب شجاعة في القرار، وصدقًا في النوايا، وتعاونًا من كل الأطراف، داخل البلاد وخارجها.
Facebook
Twitter
YouTube
TikTok
Telegram
Instagram