هل يؤثر ضرب منشآت إيران النووية على دول الجوار وسوريا؟
فتاة سحلول – يلا سوريا
طُرحت تساؤلات ملحّة حول سلامة المنشآت النووية الإيرانية، بعد الضربة التي استهدفت موقع فوردو النووي وبينما تسارع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لنفي وجود أي نشاط إشعاعي، يُحذّر خبراء من احتمالات كارثية في حال حدوث تسرب فعلي للمواد المشعة، مؤكدين أن الخطر لا يعرف حدودًا جغرافية، ولا يوقفه البحر.
هل يوجد تسرّب إشعاعي بعد قصف فوردو؟
أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، عدم تسجيل أي مؤشرات على تسرّب إشعاعي من موقع فوردو بعد القصف الأخير، وهو ما أكدته أيضًا إيران، التي أعلنت أنها أخلت الموقع مسبقًا، ونقلت المواد الحساسة إلى أماكن أكثر أمانًا.
يُعزز هذا السيناريو ما قاله العميد زاهر الساكت، مدير مركز توثيق الكيماوي السوري، في ورقة بحثية نشرها مؤخرًا، مشيرًا إلى أن الهجوم لم يؤدِّ إلى أي تسرب إشعاعي لأن المواد النووية لم تكن موجودة في الموقع أو كانت مؤمّنة بدقة.
ما الضرر الذي قد يصيب دول الخليج وسوريا في حال تدمير المفاعلات النووية الإيرانية؟
لا يقتصر الضرر المحتمل في حال تدمير المفاعلات النووية الإيرانية على حدود إيران، بل يتعداها ليشكل تهديدًا مباشرًا لدول الخليج العربي، وربما سوريا وبلدان المشرق العربي أيضًا.
ويشير العميد زاهر الساكت مدير مركز توثيق الكيماوي السوري إلى أن السحب الإشعاعية تنتقل جويًا مع الرياح، وقد تصل إلى مسافة تتجاوز 400 كيلومتر، ما يجعل الكويت، السعودية، قطر، الإمارات، وسوريا عرضة لمخاطر كبيرة.
من أبرز الأضرار المحتملة:
-تلوث الهواء بجسيمات مشعة تسبب أمراضًا تنفسية وسرطانية.
-تلوث المياه البحرية، مع خطر انتقال الإشعاع عبر الكائنات البحرية إلى الإنسان.
-تأثر التربة والزراعة، خصوصًا في المناطق القريبة من الخليج.
-نزوح سكاني محتمل من مناطق التلوث.
-تداعيات اقتصادية تطال قطاعات النفط والموانئ والصحة.
ويؤكد الساكت أن البحر لا يشكّل عائقًا أمام الإشعاع، بل قد يكون ناقلًا إضافيًا له عبر المياه، وأن الخطر مضاعف في ظل ضعف خطط الطوارئ البيئية في أغلب دول المنطقة.
هل المواد المنقولة قابلة لصناعة قنبلة نووية؟
الإجابة باختصار: نعم، تقنيًا.
المواد التي تحدّثت إيران عن نقلها، وفق مصادر غير رسمية، هي يورانيوم مخصب بنسبة 60%، وهو ما يُعتبر قريبًا جدًا من مستوى “درجة السلاح” (90%).
ويشرح العميد الساكت أن عملية تحويل هذا النوع من اليورانيوم إلى قنبلة تمر عبر مراحل رئيسية:
- استكمال التخصيب إلى 90%.
- تحويل الغاز إلى شكل معدني للوصول إلى “الكتلة الحرجة”.
- تصميم آلية التفجير النووي.
ورغم أن إيران لم تعلن رسميًا نيتها تصنيع سلاح نووي، إلا أن تقدمها في برنامج التخصيب يثير مخاوف حقيقية على المستوى الإقليمي والدولي.
كيف نقلت إيران المواد النووية؟
وفق تحليل العميد الساكت والمصادر التقنية:
النقل تم بريًا عبر شاحنات محمية، مزوّدة بحاويات مغلفة بطبقات رصاص، لتقليل خطر الإشعاع.
المواد المُخصبة في حالتها الغازية تُعدّ سهلة النقل نسبيًا مقارنةً بالوقود الصلب أو المعدني.
اللافت أن تحركات ضخمة للآليات حول مواقع حساسة لوحظت قبل 48 ساعة فقط من القصف، ما يعزز احتمال النقل السريع والاستباقي للمواد.
كارثة محتملة في ظل فراغ استراتيجي
ما يجعل السيناريو أكثر خطورة ليس فقط وجود مواد مشعة قريبة من دول مكتظة بالسكان، بل افتقار المنطقة إلى بنية حقيقية للاستجابة النووية الطارئة لا توجد أنظمة إنذار مبكر فعّالة، ولا غرف عمليات بيئية متصلة بشبكات رقابة دولية، وغالبية السكان لا يدركون ما يجب فعله في حال التعرض للإشعاع.
يتساءل العميد زاهر الساكت في دراسته:
“لماذا لا توجد خطة طوارئ خليجية مشتركة؟ ولماذا يُبنى مفاعل حساس كـ«شيراز» قرب دول الخليج، دون أي ضمانات أمنية أو شفافية دولية؟”
الفراغ الاستراتيجي هذا يُعد ثغرة كارثية في منظومة الردع، ويجعل ملايين العرب رهائن في معادلة نووية لا يتحكمون بها، ولا يشاركون حتى في مراقبتها.
هذا الغياب للتخطيط، كما يصفه الساكت، قد يجعل حربًا في إيران تتحوّل إلى كارثة في الخليج وسوريا، لا عبر الصواريخ، بل عبر سحابة لا تُرى بالعين، لكن آثارها تبقى لعقود.
كيف يمكن الوقاية؟
-الوقاية لا تكون عبر الملاجئ كما يعتقد البعض، بل عبر:
-الرصد المبكر للإشعاع في الجو والمياه.
-توزيع أقراص اليود على السكان.
-تنفيذ خطط إخلاء مدروسة تُوجّه الناس إلى مناطق أكثر أمانًا.
-التعاون الإقليمي مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتوحيد الجهود الخليجية.
في الختام…
رغم الضمانات الرسمية، فإن القلق الشعبي والخبراتي لا يمكن تجاهله فالتاريخ أثبت أن التعامل مع الطاقة النووية في مناطق النزاع هو لعب بالنار، وقد يكون الثمن هذه المرة صحة الملايين.
الورقة البحثية للعميد الساكت توجه جرس إنذار حقيقي:
“لسنا بعيدين عن الخطر… المسافة 400 كيلومتر فقط.”
Facebook
Twitter
YouTube
TikTok
Telegram
Instagram