استغلت إيران ومليشياتها وعلى رأسها “حزب الله” نفوذها على العاصمة دمشق وريفها خلال سنوات حكم النظام البائد، وعملت على الاستيلاء على ممتلكات السوريين سواء المنازل أو المحال التجارية عبر شراء العقارات تارة، والاستيلاء عليها تارة أخرى.

وركزت مليشيا حركة “النجباء” العراقية على أحياء جنوب دمشق، حيث عمدت إلى شراء عشرات العقارات في أحياء السيدة زينب وما حولها وفي أحياء الذيابية والبحدلية والحسينية، وصولًا إلى أحياء يلدا وببيلا وبيت سحم بوتيرة أقل.

وتمكنت مليشيات إيران عبر أذرعها الواسعة من شراء مئات المنازل والمحال التجارية والأراضي الزراعية في مناطق جديدة عرطوز وقطنا وصحنايا ومحيط مدينة الكسوة غربي دمشق.

وكان للغوطة الشرقية والقلمون نصيب كبير من عمليات الاستيلاء على ممتلكات السوريين، حيث تمكنت مليشيا “النجباء” العراقية ومليشيا “حزب الله” اللبناني من وضع يدها على مئات العقارات في بلدات الغوطة الشرقية ومناطق القلمون المتمثلة بعسال الورد ورنكوس ومحيطها وفي مدينة يبرود والجبة وصولًا إلى مدينة الزبداني ومدينة قدسيا.

كيف اشترت إيران عقارات السوريين؟

عمدت إيران إلى إرسال عملائها وغالبيتهم من المنطقة الشرقية للعمل كسماسرة في مناطق دمشق وريفها بهدف شراء العقارات لصالح إيران ومليشياتها.

وهدفت إيران من الخطوة إيهام السوريين أن من يشتري ممتلكاتهم هم من السوريين أنفسهم، ما يسرع بوتيرة البيع والشراء دون وجود شكوك بتورط إيران خلف عمليات البيع.

أساليب ملتوية في شراء العقارات:

استخدمت المليشيات الإيرانية على مدى عدة سنوات، أساليب مختلفة لتنفيذ مخطط التغيير الديموغرافي الذي سعت إليه، سواء عبر الترغيب بدفع مبالغ مالية طائلة ثمنًا للعقار المراد شراؤه، أو عبر الترهيب سواء بالتهديد بالتصفية أو الاعتقال أو حتى حرق العقار ذاته.

وحدثت عدة حرائق في أسواق دمشق القديمة ومنها في منطقة المسكية، حيث طال حريق ضخم عشرات المحال التجارية بعد أيام فقط من رفض أصحابها بيعها لسماسرة مرتبطون بإيران.

ومما زاد حجم الشكوك حول تورط مليشيات إيران أنها منعت وصول عناصر الإطفاء إلى موقع الحريق إلا بعد مضي وقت طويل ما بتسبب بحجم خسائر كبير طال أصحاب المحال.

شخصيات متورطة بعمليات الشراء:

حصلت يلا سوريا من مصادرها الخاصة على أسماء عدد من الشخصيات المتورطة بعملية شراء العقارات لصالح المليشيات الإيرانية في دمشق وريفها.

ففي بلدة جديدة عرطوز بريف دمشق يبرز اسم المدعو “محسن ريما” والمدعو “مفيد علي” على رأس القائمين بعمليات شراء العقارات من أصحابها لصالح ضباط إيرانيين.

وفي مدينة صحنايا برز اسم المدعو “مروان نصر” صاحب أحد المكاتب العقارية بعمليات شراء العقارات والتي تشمل المنازل والمحال التجارية، لصالح قادة مليشيات من الجنسية الإيرانية واللبنانية.

وفي حي كفرسوسة الدمشقي برز اسم المدعو “أبو محي الدين” وشخص آخر يدعى “سعيد” وهما من تجار العقارات، وعملا بالتعاون مع ضباط المربع الأمني وعلى رأسهم المدعو “أبو جعفر” باستلام ملف العقارات في دمشق وخاصة في حيي المزة وكفرسوسة، ولجأ الشخصان بدعم من المربع الأمني إلى تهديد كل من يرفض بيع ممتلكاته بالاعتقال بتهم معدة مسبقًا، أو حتى بالإخلاء القسري.

وبرز اسم المدعو “حسين دقو” والمدعو “حسن دقو” في منطقة القلمون واللذان عملا بالتواطؤ مع مليشيا “حزب الله” اللبناني على شراء مئات الهكتارات من أصحابها وخاصة في مناطق عسال ورنكوس، وكانت عمليات البيع تتم برعاية ضباط من فرع الأمن العسكري لصالح مليشيا “حزب الله” بطرق مختلفة.

وبالتزامن مع عمليات الشراء قام الشخصان بدعم من “حزب الله” بالاستيلاء على مزارع في محيط رنكوس من جهة السهل، وفي محيط تلفيتا وعدة مناطق أخرى بعد طرد أصحابها، بحجة أنها مناطق عسكرية وأمنية.

وعمل المدعو “أبو جعفر الشيعي” على تسهيل امتلاك مليشيا “حزب الله” لممتلكات الأهالي في مدينة الزبداني عبر شرائها بأسعار زهيدة بحجة أنها مناطق مدمرة أو تعود ملكيتها لأشخاص تابعين لفصائل المعارضة السورية.

تسهيلات إيراينة للسماسرة:

سهلت المليشيات الإيرانية عمل السماسرة التابعين لها، عبر تقديم العديد من الامتيازات منها بطاقات أمنية تمنع التعرض لهم، أو تسهيل تنقلهم، واشرف المدعو “ياسر البكاري” على تسهيل استيلاء مليشيات إيران على ممتلكات الأهالي في مناطق الغوطة الشرقية.

وعملت إيران بعد شراء العقارات على نقل الضباط الإيرانيين والعراقيين واللبنانيين رفقة عوائلهم إلى المناطق المستولى عليها بتسهيلات كبيرة من النظام البائد.

خطر التمدد الإيراني:

ساهم انتصار الثورة السورية وإسقاط نظام الأسد في خروج إيران ومليشياتها من سوريا، وبالتالي أفشل مشروع إيران الطائفي في المنطقة.

ومن الأهداف التي فشلت إيران في تنفيذها، إحداث تغيير ديموغرافي في المحافظات السورية التي كانت خاضعة لنفوذها، عبر تهجير تمليك مكون طائفي موال لها على حساب بقية المكونات، وهو ما نجحت فيه إلى حد كبير قبل فشل المشروع بالمجمل مع سقوط نظام الأسد.

ولكن تبقى لتلك المخططات تبعات قانونية خطيرة على السوريين، وخاصة مع انتقال ملكية تلك العقارات من أصحابها الأصليين إلى ملكية الإيراني والعراقي واللبناني وحتى الأفغاني، ما يخلق مشكلة أمام صاحب العقار لاستعادة ما سلبته منه إيران ومليشياتها ظلماً.

ويأمل السوريون اليوم بعد تشكيل الحكومة الجديدة، أن ينظر القضاء الجديد لقضاياهم نظرة عدل تعيد إليهم ما سلب منهم بأبخس الأثمان، وهي مسألة لا شك معقدة وقد تستغرق سنوات لحلها، نظرًا لأعداد الممتلكات الهائلة من جهة، ولإيجاد صيغة قانونية تعيد للسوريين ما سُلب منهم من جهة أخرى.