الجمعة 24 أكتوبر 2025
مادة إعلانية

يلا سوريا – بدر المنلا

يعيش في عمق الصحراء السورية، وعلى أطراف الخريطة المنسية، عشرات الآلاف من النساء والأطفال في مخيم الهول تحت خيام لا تقي حرّ الصيف ولا قسوة الشتاء.

ورغم مرور سنوات على انتهاء المعارك، لا يزال المخيم يعجّ بالمآسي ويغيب عنه الحد الأدنى من مقومات الحياة.

في هذا التقرير، تنقل “يلا سوريا” شهادة حصرية من موظف أممي عمل داخل المخيم، يكشف فيها واقعًا صادمًا عن الإهمال، والتهميش، والخطر الذي قد يتفجّر في أية لحظة.

هذه ليست حكاية لاجئين فقط

في لقاء حصري لفريق “يلا سوريا”، كشف موظف في الأمم المتحدة “طلب عدم الكشف عن اسمه” عن صورة قاتمة للواقع الإنساني في مخيم الهول شمال شرق سوريا، واصفًا إياه بأنه “أقرب إلى معتقل مفتوح، حيث لا كرامة ولا خدمات إنسانية، وحيث يولد التطرف على وقع الإهمال والتهميش”.

خيام لا تقي حرًّا ولا بردًا

يضم المخيم، وفق ما صرّح به المصدر، قراية 29،300 شخص حالياً يقيمون في خيم بدائية منذ عام 2017، في منطقة ترتفع فيها درجات الحرارة صيفًا إلى 58 درجة مئوية، وتنخفض شتاءً إلى -2.

وأضاف: “هذه الخيام لا تقي من حرّ الصيف ولا برد الصحراء، ولا تليق بالحياة الآدمية بأي شكل من الأشكال.”

مياه مسمومة وخدمات صحية معدومة

رغم تأكيد الأمم المتحدة أن مياه المخيم صالحة للشرب، روى الموظف تجربة شخصية تكشف عكس ذلك:
“في عام 2019، عرض عليّ أحد سكان المخيم تذوّق الماء الذي يشربونه، وباحترام تذوقته، كان الطعم مرّاً بشكل لا يُطاق، وهذه هي المياه التي يشربونها يومياً، وقد سُجّلت حالات تسمم بسببها.”

وعن الوضع الصحي، قال: “الطبيب الوحيد هو طبيب عام، والأدوية تقتصر على المسكنات العامة، بغض النظر عن طبيعة المرض.”

تجهيل ممنهج وواقع خطير

أشار المصدر إلى غياب التعليم بشكل شبه تام، واصفاً الأمر بـ”التجهيل المقصود”، في وقت وصل فيه عدد سكان المخيم عام 2019 إلى نحو 74,700 شخص، بينهم أكثر من 11,400 أجنبي من دول غربية، و40,000 عراقي، و32,000 سوري.

وأكد أن كل من يدخل المخيم يُجرد من أوراقه الثبوتية، ولا يُمنح سوى بطاقة لاستلام المساعدات.

وأضاف: “نحن أمام كارثة، طفل دخل المخيم عام 2017 بات اليوم شاباً في الثامنة عشرة، بلا تعليم، وبلا أفق هذا محيط مثالي لتوليد التطرف.”

انعدام سيطرة أممية وسلطة مطلقة لـ”قسد”

وحمّل الموظف المسؤولية لقوات “قسد” التي تدير المخيم، مشيراً إلى أن الأمم المتحدة “لا تملك أي سلطة حقيقية، ولا حتى أدوات ضغط”، بل وصفها بأنها مغيبة بالكامل.

وقال: “المخيم يشبه ما كان عليه مخيم الركبان، الذي تسبب بفشل كلوي جماعي ومآسً صحية قبل تفكيكه. نخشى أن يكون الهول قنبلة موقوتة.”

تمييز فاضح… ومواقف محمية

روى الموظف مشهداً لافتاً: “في إحدى المرات، رُكّبت مظلات عند مواقف سيارات موظفي الأمم المتحدة لحمايتها من الشمس، بينما كان المرضى يقفون ساعات تحت الشمس أمام المستوصف الطبي بلا أي حماية.”

إعلام مغيّب وأمهات مقهورات

وذكر أن وسائل الإعلام ممنوعة من دخول المخيم إلا بموافقة قوات “قسد”، في محاولة لعزل الواقع عن الرأي العام.

كما تحدّث عن نساء أجنبيات من بلجيكا وفرنسا وهولندا طالبن بإعادتهن إلى بلدانهن لمحاكمتهن هناك، لأن وضع المخيم “أصعب من السجن”.

وقال: “إحداهن أوقفتني وطلبت دواء لطفلها المصاب بجراحة مفتوحة، تحدثت إليها المديرة وتبيّن أنها طبيبة تتحدث الفرنسية والإنجليزية…
هؤلاء الضحايا لا يجب التعامل معهم كمجرمين.”

خروج بطيء وقرارات دولية معلقة

وفق المعلومات التي حصلنا عليها، يبلغ عدد سكان المخيم حالياً 29,300 شخص، وتم خلال الأسبوع الماضي فقط خروج 42 عائلة سورية إلى مدينة حلب، و236 عائلة عراقية إلى بلادهم.
لكنّ خروج الأجانب شبه متوقف، والقرار مرهون بموقف حكوماتهم، التي يتعيّن عليهم التواصل معها عبر السفارات.

أما بالنسبة للسوريين، فتتم آلية الخروج بعد التسجيل داخل المخيم، فيما تتكفل الإدارة بتأمين المواصلات، إلا أن العملية قد تستغرق ما يقارب السنة بسبب ضيق الإمكانيات، وعدم توفر سكن أو عمل للكثير من العائدين.

في الوقت الحالي، تُعطى الأولوية للحالات المرضية الحرجة، حيث يُصار إلى إخراجها نظراً لعدم توفر العلاج داخل المخيم.

لا برامج إدماج حتى اللحظة

أكّد الموظف أن برامج إعادة الإدماج داخل المخيم “غير موجودة تماماً”، رغم وجود خطة لإطلاق هذه البرامج في مناطق العودة، والتي لم تُفعّل حتى اليوم.

واقترح وضع خطة وطنية شاملة تبدأ بإنشاء مراكز استقبال مؤقتة تحفظ كرامة الإنسان، وتشمل برامج تعليم، دعم نفسي، توعية، ومحو أمية، لتسهيل اندماج سكان المخيم في مجتمعاتهم الأصلية.

وأضاف: “دون ذلك، سيبقى الخوف متبادلاً بين المجتمع والنازحين، وسنكون أمام قنبلة اجتماعية جاهزة للانفجار.

اقرأ المزيد

يلا سوريا – هيا عبد المنان الفاعور

أثار التفجير الإرهابي الذي استهدف كنيسة مار إلياس في حي الدويلعة بالعاصمة السورية دمشق، موجة من الإدانات العربية والدولية، وسط دعوات للتكاتف في وجه الإرهاب ومؤازرة سوريا في مواجهة هذه التحديات الأمنية الخطيرة.

حيث أدان رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام بأشد العبارات التفجير، واصفًا إياه بـ”العمل الإجرامي الدنيء” الذي يهدف إلى زرع الفتنة داخل النسيج الوطني السوري.

وأكد سلام في بيان رسمي وقوف الحكومة اللبنانية إلى جانب الجمهورية العربية السورية في سعيها لحفظ أمنها واستقرارها، معلنًا استعداد لبنان للتعاون والتنسيق في كل ما من شأنه مواجهة الإرهاب.

واستنكر المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسون، الجريمة الإرهابية، داعيًا إلى فتح تحقيق شامل واتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع تكرار مثل هذه الاعتداءات.

وشدد بيدرسون على أهمية وحدة الصف في مواجهة التطرف، مقدمًا أحرّ التعازي لعائلات الضحايا ومتمنيًا الشفاء العاجل للمصابين.

وعبّر المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، توماس باراك، عن إدانة الولايات المتحدة للهجوم الإرهابي، مؤكدًا في تغريدة على منصة (X) أن هذه الأفعال الجبانة لا مكان لها في سوريا المستقبل.

وجدد باراك دعم بلاده للحكومة السورية في جهودها لمواجهة من يسعون إلى زعزعة الاستقرار ونشر الخوف في المنطقة.

وشجبت دولة الإمارات العربية المتحدة التفجير الذي أودى بحياة وإصابة عدد من الأبرياء، معربة عن استنكارها الشديد لمثل هذه الأعمال التي تهدد الأمن والاستقرار.

وجددت وزارة الخارجية الإماراتية موقف بلادها الرافض لجميع أشكال العنف والإرهاب، مقدّمة تعازيها ومواساتها لذوي الضحايا وللحكومة السورية، ومتمنية الشفاء العاجل للمصابين.

وأدانت فرنسا من جهتها الهجوم الإرهابي، معبّرة عن تضامنها الكامل مع الشعب السوري وتقديمها التعازي لعائلات الضحايا.

وأكدت وزارة الخارجية الفرنسية دعم باريس لعملية الانتقال السياسي في سوريا، وتمسكها بوحدة وسيادة البلاد، مجددة التزامها بمساندة سوريا في حربها ضد تنظيم داعش.

وتُظهر هذه المواقف العربية والدولية إجماعًا راسخًا على رفض الإرهاب بكافة أشكاله، والتضامن مع الشعب السوري في محنته، في وقت أحوج ما تكون فيه سوريا إلى الاستقرار والسلام.

ويمثل هذا التفجير المؤلم تذكيرًا جديدًا بضرورة تعزيز التعاون الإقليمي والدولي لمكافحة الإرهاب، وتجنيب المدنيين ويلات العنف والدمار، والسير قدمًا نحو مستقبل آمن لجميع السوريين.

اقرأ المزيد

يلا سوريا – هيا عبد المنان الفاعور

فجّر انتحاري نفسه بحزام ناسف داخل كنيسة مار إلياس في حي الدويلعة بدمشق في يوم الأحد 22 حزيران 2025، أثناء إقامة القدّاس، ما أسفر عن حالة من الذعر والفوضى بين المصلّين.

أسفر التفجير عن وقوع عدد من القتلى والجرحى في صفوف المدنيين، وتُصنَّف الحادثة كهجوم إرهابي استهدف دور العبادة دون أي إنذار مسبق.

هرعت سيارات الإسعاف والدفاع المدني إلى موقع التفجير، وقامت بنقل المصابين إلى المشافي القريبة، فيما بدأت الفرق الطبية بإجراء الإسعافات الأولية للمصابين ميدانيًا.

فرضت قوى الأمن الداخلي طوقًا أمنيًا مشددًا حول الكنيسة والشوارع المحيطة بها، ومنعت الدخول إلى المنطقة حفاظًا على السلامة العامة ولضمان سير التحقيقات.

سُجِّلت الحصيلة الأولية للتفجير بوقوع أكثر من 15 قتيلاً و25 جريحًا، وفق ما تم تداوله استنادًا إلى مصادر ميدانية في موقع الحادث.

استُهدفت الكنيسة خلال القداس في وقت يشهد عادة اكتظاظًا بالمصلّين، ما ضاعف عدد الإصابات ورفع من حجم الأضرار البشرية.

تواصلت عمليات التمشيط الأمني في محيط الكنيسة بعد وقوع التفجير، فيما لم تُعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم حتى ساعة إعداد هذا التقرير.

استُكملت الإجراءات الأمنية والإسعافية فورًا، ولا تزال الجهات المعنية تعمل على متابعة التحقيقات وتحديد هوية المنفّذ، وسط استنفار أمني واسع في المكان.

يُعيد هذا الهجوم الإرهابي إلى الواجهة حجم التهديد الذي لا يزال يواجه دور العبادة والمدنيين في قلب العاصمة، ويطرح تساؤلات ملحّة حول الجهات التي تسعى لضرب الاستقرار وزرع الفوضى في لحظة صلاة وسلام. صفعة قاسية للسلام الذي يحاول السوريون أن يبنوه بحذر، والإرهابيون اختاروا بكل دناءة دور العبادة ليقطعوا الطريق على أي محاولة للنهوض بعد سنوات الحرب الطويلة. وبينما تتواصل التحقيقات، يبقى صدى الانفجار شاهدًا دامغًا على وجع مدينة لم تعرف الراحة بعد.

اقرأ المزيد

يلا سوريا – بدر المنلا

أصدر الرئيس السوري أحمد الشرع اليوم الأحد 22 حزيران 2025 المرسومين التشريعيين رقم 102 و103 لعام 2025، في خطوة لافتة تستهدف تحسين الواقع المعيشي للمواطنين في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تشهدها البلاد.

ويقضي المرسوم رقم 102 بزيادة الرواتب والأجور المقطوعة بنسبة 200% للعاملين المدنيين والعسكريين في القطاع العام، بما يشمل الوزارات، المؤسسات والهيئات العامة، الشركات والمنشآت العامة، والوحدات الإدارية، إضافة إلى جهات القطاع المشترك التي تملك الدولة فيها أكثر من 50% من رأس المال.

كما نص المرسوم على أن هذه الزيادة تشمل العاملين الدائمين، المؤقتين، المتعاقدين، والموسميين، على اختلاف أشكال التوظيف.

وفي السياق ذاته، أصدر الرئيس الشرع المرسوم رقم 103، الذي منح أصحاب المعاشات التقاعدية – المشمولين بقوانين التأمينات الاجتماعية والمعاشات – زيادة بنسبة 200% من المعاش التقاعدي النافذ بتاريخ صدور المرسوم.

وأوضحت الحكومة السورية أن هذه الزيادات تدخل حيز التنفيذ فور صدور المرسوم، على أن تُصرف بدءاً من بداية الشهر القادم.

ويشكل المرسومان 102 و103 تحركاً حيوياً لمعالجة جانب من الضغوط المعيشية المتزايدة، ويضعان السلطة التنفيذية أمام اختبار دقيق: هل ستنجح في الحفاظ على قيمة هذه الزيادة داخل جيوب السوريين، أم ستذوب سريعاً في نار التضخم والأسواق المنفلت؟

اقرأ المزيد

يلا سوريا _ رنيم سيد سليمان

اكشف غطاء الأقبية حيث يُصنع الموت قرارًا إداريًا، وتمارس الوحشية كروتينٍ يومي بدمٍ بارد، في خنادق أجهزة الأمن في عهد نظام الأسد الساقط، حيث تتحوّل الأجساد إلى أدوات قهر، والصرخات إلى خلفية يومية، و”التحقيق” إلى طقس تعذيب… كان هناك رجال لا يُشبِعهم الألم، رجال لم تخلقهم ظروف الحرب، بل انكشفت حقيقتهم فيها.
واحد من أبرز هؤلاء كان “علي نصر”، من ريف مصياف، المساعد أول في فرع الأمن العسكري بحمص، والملقّب بـ”أبو العلَمين”.

“أبو العلَمين” لقب أطلقه على نفسه، في إشارة مرعبة إلى أنه يمسك بعلم الحياة بيد، وعلم الموت باليد الأخرى، كان يُردد: “أنا أقرّر من يخرج حيًّا، ومن يخرج ملفوفًا ببطانية قديمة.”

هذه ليست شهادة ضحية، بل شهادة من عنصر أمني سابق خدم إلى جانبه، وراقب جرائمه عن قرب.

“م . م”، الملقّب بـ”أبو سلطان”، يكشف ما رآه داخل الفرع، ويوثّق ما جرى خلف الأبواب المغلقة، قائلًا: “ما رأيته في فرع الأمن العسكري بحمص لم يكن سلوكاً قاسياً فحسب، بل كان منظومة جحيم ممنهجة، يقودها رجل اسمه “علي نصر”.

لم يكن ضابطًا عاديًا، بل كان آلة تعذيب تمشي على قدمين، كان يؤمن أن الألم يُصنع بإتقان، وأن الموت فنّ يجب إتقانه.

هذا الرجل لم يكن يكتفي بالضرب أو الصعق، بل اخترع أساليب في التعذيب، لا تخطر على بال إبليس ذاته.”

أساليب التعذيب التي مارسها علي نصر كما رواها أبو سلطان:

الدفن المؤقت”:
كان يُجبر بعض المعتقلين على الاستلقاء داخل حفرة ضيقة حُفرت خصيصًا داخل أرضية الحمام، ثم يُغلق فوقهم الغطاء المعدني، ويُتركون لساعات وسط المياه الآسنة والهواء الفاسد، لم يكن الهدف قتلهم مباشرة، بل كسر أرواحهم قبل أجسادهم.

العزف على الجرح“:
كان يأمر عناصره بفتح جرح في جسد المعتقل – غالبًا في الفخذ أو الذراع – ثم يُدخل سلكًا معدنيًا داخل الجرح، ويقوم بثنيه وسحبه كوتر آلة موسيقية، وهو يقول: “كل صراخ نغمة”.

خنق البخار“:
يُزَجّ بالمعتقل في حمّام صغير مُغلق تمامًا، ويُطلق البخار داخله حتى تغيب الرؤية، وتُغلق فتحات التهوية، لا يخرج المعتقل إلا وهو في حالة اختناق شبه كامل، وأحيانًا يُغمى عليه، وأحيانًا لا يخرج أبدًا.

الكرسي الكهربائي المعدّل“:
لم يكن مجرد صعق بالكهرباء، بل صعق متقطع في مواضع “حساسة للغاية”، يُرافقه ربط اليدين بلفائف نحاسية توصل الكهرباء “مباشرة إلى العظام”، كثيرون خرجوا من هذا الكرسي غير قادرين على المشي مجددًا.

حلق الروح“:
كان يأمر بحلق شعر المعتقل بالكامل، حتى الحواجب والرموش، ثم يُجبره على الوقوف عاريًا أمام الآخرين، ويبدأ بإهانته بألفاظ سوقية، مع ضرب بالعصي المليئة بالمسامير الصغيرة على الركبتين وأسفل القدمين.

كيس الموت“:
من أكثر الوسائل التي اشتهر بها علي نصر، وكانت تُرعب حتى عناصر الفرع، هي وسيلة يُطلق عليها المعتقلون اسم “كيس الموت”.

حيث يُجلب كيس نايلون شفاف أو أسود، يُلفّ بإحكام على رأس المعتقل، ويُربط من أسفله بحبل حتى يُغلق مجرى الهواء تمامًا، ويُترك المعتقل بهذه الحالة لعدة دقائق، يُراقب خلالها وهو يتخبط ويختنق، حتى يغيب عن الوعي أو يفارق الحياة.

أحيانًا كان يُزَجّ به مباشرة إلى الحمّام بعد ربط الكيس، حيث تزداد حرارة الجوّ ورطوبته، ليختنق سريعًا وسط روائح المجاري.

تابع أبو سلطان شهادته بالقول:

“كان علي نصر يعاقب من لا ينهار نفسيًا بسرعة، يقول لهم: ‘إذا لم تتكسر روحك، فسنكسر جسدك حتى تلحق بها’.

كان يعتبر الصراخ لحنًا، والبكاء نغمة، والموت نتيجة طبيعية لعدم الاعتراف.”

وأضاف: إن “بعض المعتقلين كانوا يُجبرون على تعذيب بعضهم البعض، تحت التهديد، من يرفض، يُجبر على أكل فضلاته أو تُربط أعضاؤه حتى تتعفن.

وفي إحدى الليالي، سمعت صراخًا لم أسمعه من قبل، وحين فتحت الباب لأتفقد، وجدت أحد المعتقلين وقد أُجبر على الجلوس داخل برميل ماء مثلج، بعد أن صُبّت على جسده مادة كاوية.”

وأوضح أبو سلطان أن “ذلك الرجل – علي نصر – لم يكن يؤدي واجبه كما كان يدّعي، بل كان يُمارس وحشيته بنشوة، كان يخلق أدوات تعذيب من أدوات النظافة، من الأثاث، من أسلاك الكهرباء وحتى من خيوط الملابس، كل ما في الفرع كان يمكن أن يتحول إلى أداة قتل بيده.”

في الختام:

هذه الشهادة ليست لتسجيل الحقد، بل لتثبيت الحقيقة، أمثال علي نصر لا يجب أن يُنسَوا، ولا يجب أن تُمحى آثارهم تحت عنوان “انتهت الحرب”.

الجرائم لا تسقط بالتقادم، ومجرمو التعذيب لا يجب أن يعيشوا أحرارًا بينما ضحاياهم تحت التراب أو الإعاقات الدائمة.

العدالة ليست ترفًا، بل أساس لبناء أي وطن جديد، إن لم يُحاسب أمثال “أبو العلَمين”، فإننا نُعيد فتح أبواب لجحيم جديد.

اقرأ المزيد

يلا سوريا – هيا عبد المنان الفاعور

أعلنت الحكومة الفدرالية السويسرية، يوم الجمعة 20 حزيران 2025، رفع العقوبات الاقتصادية التي كانت مفروضة على سوريا، بما في ذلك القيود المفروضة على تقديم الخدمات المالية، وتجارة المعادن الثمينة، وتصدير السلع الكمالية.

وذكرت الحكومة في بيانها الرسمي أن القرار سيدخل حيّز التنفيذ في الساعة السادسة مساءً بتوقيت برن في نفس اليوم.

مؤسسات حيوية شملها القرار

شملت قائمة المؤسسات التي رُفعت عنها العقوبات 24 جهة سورية، من بينها مصرف سوريا المركزي، والذي كان مشمولًا بقرارات التجميد المالي السابقة.

وبهذا القرار، تمكّنت الجهات المذكورة من استعادة الوصول إلى أموالها وأصولها المجمدة في البنوك السويسرية، مما يفتح الباب أمام استئناف المعاملات التجارية والمالية على نطاق أوسع.

الحكومة السويسرية تبرر خطوتها

برّرت سويسرا قرارها بأنه يأتي في سياق دعم الانتقال السياسي السلمي في سوريا، وتعزيز فرص التعافي الاقتصادي في مرحلة ما بعد الصراع.

واعتبرت الحكومة الفدرالية أن هذه الخطوة تتماشى مع توجهات مماثلة اعتمدها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية خلال الأشهر الماضية، والتي هدفت إلى تسهيل عمليات إعادة الإعمار ودعم الاقتصاد السوري المتضرر.

دمشق تُرحّب بالقرار

رحّبت وزارة الخارجية السورية بالقرار السويسري، واعتبرته “خطوة إيجابية تصب في مصلحة الشعب السوري وتدعم جهود إعادة الإعمار والانتعاش الاقتصادي”.

كما شددت على أن هذا التطور يُظهر وجود مواقف دولية أكثر واقعية تجاه الوضع في سوريا.

تعليق المصرف المركزي

أشاد حاكم مصرف سوريا المركزي، بالقرار واصفًا إياه بأنه “تطور مهم” من شأنه أن يعيد تنشيط القنوات المالية بين سوريا والأسواق العالمية، وخاصة السوق الأوروبية.

وأكد أن المصرف بدأ بالفعل اتصالات مع مؤسسات مالية سويسرية لإعادة بناء العلاقات المصرفية واستعادة بعض العمليات التي كانت مجمدة منذ أكثر من عشر سنوات.

كيانات مستثنات من رفع العقوبات

أبقت سويسرا بعض العقوبات المفروضة على أفراد وجهات مرتبطة بالنظام السابق، خصوصًا تلك المتعلقة بعمليات القمع الداخلي أو استخدام أدوات وتقنيات المراقبة.

وأوضحت أن هذه الإجراءات لا تزال سارية، ولا تشملها قرارات الرفع الحالي.

يعكس القرار السويسري توجّهًا دوليًا أوسع نحو إعادة تطبيع العلاقات مع سوريا بعد سنوات من العزلة والعقوبات، وتُعد هذه الخطوة إشارة إلى استعداد الدول الغربية لإعادة النظر في سياساتها، بشرط وجود بيئة سياسية جديدة وأكثر استقرارًا داخل البلاد.

اقرأ المزيد