الليرة السورية مقابل الدولار.. استقرار مفاجئ أم بداية جديدة؟
يلا سوريا – هيا عبد المنان الفاعور
شهد سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار الأميركي حالة من الاستقرار النسبي خلال الأيام الأخيرة، وذلك بعد سلسلة من التقلبات الحادة التي طغت على السوق السوداء في الأشهر الماضية.
ويأتي هذا الاستقرار وسط توقعات حذرة من قبل مراقبين اقتصاديين، خاصة في ظل غياب مؤشرات ملموسة على تحسن فعلي في البنية الاقتصادية أو على تدخلات فعالة من قبل مصرف سوريا المركزي، هذا التوازن المؤقت في سعر الصرف أثار اهتمام المواطنين والتجار على حد سواء، وسط تساؤلات حول مدى استمراره أمام الضغوط المعيشية وتحديات السوق المتفاقمة.
وكان سعر الليرة السورية قد شهد في الأسابيع الأخيرة حالة من الثبات النسبي أمام الدولار الأميركي، حيث تراوح سعر الصرف في السوق السوداء ما بين 11800 ليرة 11900 ليرة للدولار الواحد، دون تسجيل ارتفاعات أو انخفاضات حادة.
وأثار هذا الاستقرار حالة من الحذر الممزوج بالأمل لدى المواطنين، خاصة بعد سنوات من التدهور السريع لسعر صرف العملة الوطنية.
ويعزو خبراء اقتصاديون هذا الاستقرار النسبي إلى عدة عوامل، أبرزها:
- تشديد الرقابة على السوق السوداء: إذ كثّفت الجهات المعنية في الحكومة السورية حملات الرقابة على مكاتب وشبكات تحويل الأموال غير المرخصة، ما ساهم في الحد من المضاربات العشوائية.
- زيادة التحويلات الخارجية: فمع اقتراب مواسم الأعياد وشهر رمضان قبل أشهر، ازدادت تحويلات السوريين في الخارج إلى ذويهم، ما أدى إلى ضخ سيولة من الدولار إلى السوق المحلية وساهم في تهدئة الطلب.
- دور مصرف سوريا المركزي: فرغم محدودية أدواته، قام “المركزي” بضخ كميات صغيرة من القطع الأجنبي لتمويل بعض المستوردات الأساسية، ما خفف الضغط على السوق الحرة.
- ركود في السوق المحلية: إذ ساهم كل من ضعف القدرة الشرائية لدى المواطنين وركود حركة البيع والشراء في تقليل الطلب على الدولار، وهو عامل غير مباشر ساعد في الاستقرار.
إلا أن انعكاسات هذا الاستقرار الإيجابية، على الواقع المعيشي لا تزال محدودة، فأسعار السلع والخدمات لم تنخفض بشكل ملموس، بل استمرت على مستويات مرتفعة نتيجة ارتباطها بتكاليف الإنتاج والنقل والتخزين، إضافة إلى تضخم مزمن في الاقتصاد السوري.
كما أن الأسواق ما زالت تتعامل بحذر، حيث يرفض كثير من التجار تخفيض الأسعار خشية أي ارتفاع مفاجئ في سعر الصرف.
في المقابل، يرى البعض أن هذا الاستقرار، وإن كان مؤقتاً، إلا أنه يمنح المواطنين والتجار على حد سواء فرصة للتنفس، ويتيح للحكومة مساحة زمنية للتحرك نحو إصلاحات اقتصادية أعمق.
يمثل استقرار سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية مؤشراً مهماً، لكنه لا يكفي وحده لاستقرار الأسواق أو تحسين الواقع المعيشي للسوريين.
فغياب الإصلاحات الاقتصادية الحقيقية، واستمرار الضغوط المعيشية، وتراجع الإنتاج المحلي، كلها عوامل تجعل من هذا الاستقرار مؤقتاً وهشّاً.
ومع ذلك، فإن الحفاظ عليه قد يكون خطوة أولى ضرورية نحو إعادة بناء الثقة بالاقتصاد الوطني، شرط أن ترافقه سياسات نقدية فعّالة، تشجيع للاستثمار، وتعزيز للشفافية في إدارة الموارد.
في ظل هذه الظروف، يبقى الأمل معقوداً على تحركات جدية قادرة على تحويل هذا الهدوء الظاهري إلى استقرار مستدام يشعر به المواطن في تفاصيل حياته اليومية.
Facebook
Twitter
YouTube
TikTok
Telegram
Instagram