الجمعة 6 يونيو 2025
مادة إعلانية

يلا سوريا – ثائر الطحلي

لم تكن زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى فرنسا زيارة بروتوكولية عابرة، بل شكّلت محطة مفصلية في مسار العلاقات السورية-الأوروبية، بما تحمله من دلالات سياسية وإشارات عميقة على المستويين الإقليمي والدولي.

فأن تطأ قدماه عاصمة النور في أول زيارة رسمية له إلى أوروبا، فذلك حدث بحجم مرحلة كاملة، خاصة في ظل ما يعتري المشهد الدولي من اضطراب.

غير أن المؤتمر الصحفي المشترك بين الرئيس الشرع ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، لم يخلُ من لحظات حرجة وأسئلة مُحرجة، كشفت عن حجم التباينات والتقاطعات التي ما زالت تكتنف الموقف الفرنسي من الشأن السوري.

فقد تقدّم الصحفيون الفرنسيون بأسئلة وُصفت بالحادّة، بل بالاستفزازية أحياناً، تناولت قضايا المقاتلين الأجانب، وتعقيدات الملف الأمني في الساحل, ومسائل تمسّ السيادة السورية من زوايا غير مباشرة.

وقد بدا الرئيس الشرع متماسكًا في مجمل إجاباته، حريصًا على إظهار صورة رجل الدولة القادر على خوض غمار السياسة الدولية بثقة، وإن لم يخلُ وجهه في لحظات معينة من إشارات توتّر وانفعال، عكست حجم الضغط الذي مارسه الإعلام الفرنسي بأسئلته المباشرة والنافذة.

أما الرئيس ماكرون، فقد حافظ على رباطة جأشه، وأظهر اتزانًا وثقةً لافتة، تعكس إدراكه لحساسية اللحظة ودقّتها.

وإن لم تُعلن فرنسا رسميًا عن نواياها أو مطالبها، إلا أن رائحة الشروط الضمنية والرسائل غير المباشرة فاحت من لغة الجسد، ومن بعض العبارات الدبلوماسية المبطنة، ما يوحي بأن اللقاء لم يكن خاليًا من محاولات التأثير أو رسم خطوط حمراء.

المؤتمر، على أهميته، كشف كذلك عن انقسام واضح داخل المشهد السياسي الفرنسي نفسه، حيث بدت وسائل الإعلام الفرنسية كأنها تعكس هذا الشرخ، بأسئلتها المتباينة في الطرح والنبرة، بين من يضغط باسم حقوق الإنسان، ومن يلمّح إلى مصالح استراتيجية لا تُقال علنًا.

في المحصّلة، يمكن القول إن اللقاء كان مثقلًا بالرمزية، غنيًا بالرسائل، ومتخمًا بالتحديات.

وقد خرج منه الرئيس الشرع وقد اختبر صلابة الحلفاء المحتملين، ووقف على حجم التعقيدات التي تنتظر بلاده في طريق إعادة التموضع دوليًا.