الجمعة 6 يونيو 2025
مادة إعلانية

يلا سوريا _ رنيم سيد سليمان

تسود حالة من الترقب والقلق في كثير من البيوت السورية مع اقتراب موعد امتحانات “التاسع والبكالوريا”، إذ لا يمر يوم دون أن يُذكر هذا الحدث، ولا تخلو المجالس من أحاديث التحضير والمراجعة والدعاء، هذه الامتحانات لم تعد شأناً دراسيًا فقط، بل أصبحت حدثًا وطنيًا يعيشه المجتمع كله بتفاصيله الصغيرة والكبيرة.

وتكشف أيام الامتحانات الكثير: بين طلاب يتحلّون بالتنظيم والثقة، وآخرين تنهكهم المقارنة والخوف، تتفاوت التجارب كثيرًا.. البعض يواجه ضغطًا نفسيًا كبيرًا، قد يُضعف أداءه رغم استعداده.

وهناك من يجد في هذا التحدي فرصة لإثبات نفسه، فالتوتر لا يختفي، لكنه قد يتحوّل إلى دافع إيجابي إن وُجدت البيئة المناسبة والدعم الكافي.

وتحمل امتحانات الشهادتين “الأساسية والثانوية”، وزنًا ثقيلًا في الوعي الجمعي السوري، فهي لا تمثّل فقط انتقالًا من مرحلة إلى أخرى، بل يُنظر إليها باعتبارها من أهم المحطات في حياة الطالب.

ومع ازدياد التحديات الاقتصادية، وجدت الكثير من الأسر نفسها أمام صعوبة توفير أجواء مناسبة للدراسة، ومع ذلك لا تزال تضع كل طاقتها لدعم أبنائها، أملًا بأن يُترجم هذا الجهد إلى مستقبل أفضل.

لكن الضغوط المتراكمة على الطلاب، سواء من الأسرة أو المجتمع أو الذات، بلغت في بعض الحالات حدودًا مأساوية، فقد شهدنا في الأعوام الماضية حوادث مؤلمة، شملت حالات انتحار، وانهيارات نفسية حادة، بل وحتى وفيات مفاجئة نتيجة أزمات قلبية أو جلطات أصابت طلابًا في عمر الزهور، لم يستطيعوا تحمّل ذلك الحمل النفسي الهائل.

هذه الحوادث رغم ندرتها، تضيء على واقع بحاجة ماسة إلى المراجعة، وتدعونا إلى بناء بيئة تعليمية وصحية تضع الطالب أولًا، وتحميه من أن يتحول الامتحان من فرصة إلى كارثة،في هذه المرحلة الحساسة من الضروري أن نُخفّف من وقع التوتر على الطلاب.

على الأهل أن يكونوا مصدر طمأنينة، لا مصدر ضغط، فالكلمات المشجعة والدعم النفسي قد يكونان أكثر فائدة من ساعات إضافية من الدراسة، كذلك على المجتمع أن يتعامل مع هذه الامتحانات باعتبارها مرحلة “لا نهاية”، فالمستقبل لا يُحسم بورقة امتحان واحدة، بل يُبنى بالصبر، الإصرار، والثقة بالنفس.

امتحانات التاسع والبكالوريا محطة مهمة، لكنها ليست كل شيء، ما نزرعه اليوم في نفوس أبنائنا من ثقة وهدوء سيبقى معهم، حتى بعد أن تُطوى أوراق الامتحان، لنقف معهم لا فوقهم، ولنكن إلى جانبهم فهم ليسوا فقط طلابًا، بل أبناء هذا الوطن ومستقبل أيامه القادمة.