الخيانة العظمى في السويداء… بين الحقيقة والموقف الوطني
حسن الأسمر – حمص
اليوم، لم يعد هناك مجال للتأويل أو المجاملة أو دفن الرؤوس في الرمال. ما جرى في السويداء هو خيانة موصوفة بكل المقاييس الوطنية، خيانة علنية للشعب السوري وللدولة السورية، وتماهٍ فجّ مع المشروع الصهيوني. رفع أعلام الاحتلال الإسرائيلي في قلب أرض سورية، وإنزال راية المسلمين الدروز، هو فعل يختصر عارًا تاريخيًا سيبقى وصمة على جبين كل من شارك أو صمت أو برر.
هذه ليست مسألة خلاف سياسي داخلي، وليست احتجاجًا على وضع معيشي أو مطلب محلي. ما حدث هو تموضع كامل إلى جانب العدو الذي اغتصب أرضنا وقتل أبناءنا، واعتداء على هوية وطنية عمرها آلاف السنين. من يرفع علم العدو على أرض السويداء لا يمكن اعتباره معارضًا أو محتجًا أو حتى جاهلًا، بل هو عميل باع نفسه وضميره وكرامته، وخرج من الصف الوطني طوعًا.
السويداء عبر التاريخ كانت جزءًا أصيلًا من النسيج السوري، قدمت رجالًا قاوموا الاحتلال الفرنسي ووقفوا مع وحدة التراب السوري. لكن هذه الصفحة البيضاء التي سطرها الأجداد، يحاول اليوم قلة من المتورطين تلويثها بخيانة تامة المعنى والمضمون. وهنا يجب أن نكون واضحين: هؤلاء لا يمثلون أبناء السويداء الشرفاء الذين ما زالوا متمسكين بسوريا الوطن، بل يمثلون أنفسهم ومن ورائهم من غرف سوداء خارجية.
الخيانة العظمى ليست كلمة نلقيها جزافًا، بل هي توصيف قانوني وأخلاقي لفعل يضرب أسس الدولة، ويهدد وحدة الوطن، ويفتح الباب أمام مشاريع التقسيم والهيمنة. والقانون السوري واضح: كل من يتواصل مع العدو أو يتعاون معه أو يروج لرموزه هو مجرم خائن يستحق أشد العقاب.
المطلوب من الدولة السورية اليوم أن تقف عند مسؤولياتها التاريخية، وألا تسمح لهذه الطعنة أن تمر مرور الكرام. لا بد من تطهير السويداء من المسلحين والعملاء، حتى لو تطلب الأمر عمليات أمنية واسعة، لأن التهاون مع الخيانة يعني تشجيعها، وتركها تنتشر إلى بقية الجسد السوري.
لا يحق لأحد أن يحتمي بغطاء طائفي أو مناطقي لتبرير الخيانة. سوريا أكبر من كل الطوائف والمذاهب، ومن يختار طريق العمالة للعدو الإسرائيلي، فإنه يخرج من دائرة الانتماء الوطني، ويضع نفسه في مواجهة مباشرة مع الشعب السوري كله، لا مع الدولة فحسب.
لقد دفع السوريون دماء أكثر من مليون شهيد في مواجهة الاحتلال والإرهاب والمؤامرات، فهل يُعقل أن نسمح لثلة مأجورة أن تمحو هذه التضحيات برفع علم العدو في وضح النهار؟ إن الرد الحقيقي على هذه الإهانة هو أن نصون وحدة سوريا، وأن نثبت أن دماء شهدائنا لم تُسفك عبثًا.
هذه المعركة ليست معركة السويداء وحدها، بل هي معركة كل سوري وطني يدرك أن العدو واحد، وأن الخيانة لا لون لها إلا السواد. علينا أن نتذكر دائمًا: من خان مرة، سيخون ألف مرة، وإن لم يُردع اليوم، فسيطعن الوطن غدًا من جديد.
التاريخ لن يرحم، والوطن لن يغفر، والرد يجب أن يكون بحجم الجريمة… بحجم الخيانة العظمى.
Facebook
Twitter
YouTube
TikTok
Telegram
Instagram