الإثنين 8 سبتمبر 2025
مادة إعلانية

يلا سوريا – هيا عبد المنان الفاعور

تحررت حمص من قبضة النظام البائد في الثامن من كانون الأول، فسقطت أصنامه من الشوارع قبل أن تسقط من العقول.

أصبح هذا التاريخ نقطة تحوّل كبرى في وعي المدينة وهويتها البصرية فانطلقت بعده مرحلة جديدة، بدأت فيها الجدران تستعيد حريتها، كما استعاد الناس صوتهم المسلوب.

احتُكرت الجدران لسنوات طويلة لصور النظام البائد وشعارات تمجّد الأبدية فلم يكن مسموحًا لأي لون أن يتجاوز حدود المسموح وفرض النظام السابق سطوته على كل مساحة، حتى الجدار لم يُترك بلا رقابة وأصبحت الجداريات الرسمية أداة لترويج السلطة، لا لنبض الناس.

خُنق التعبير في زمن الخوف، فكان كل جدار شاهداً على القمع لا الحرية.

وغُيّبت الوجوه الحقيقية، فأصبح كل جدار يردّد ما تُمليه السلطة، ولم يكن لأحد أن يرسم شيئاً خارج تلك الأطر إلا ويدفع ثمنه اعتقالًا أو تهديدًا.

انبثقت الجداريات بعد التحرير كفعل مقاومة فنية واندفعت الفرق التطوعية إلى الشوارع تحمل الفرشاة بدل الشعارات الجاهزة، وأصبحت الجدران مرآة لكرامة مستعادة واختفت العبارات المعلّبة، وظهرت رسومات تعبّر عن الإنسان، عن الثورة، عن الأحلام المخبّأة خلف الركام.

وتجلّت أولى الرسائل في خريطة سوريا الملوّنة بعلم الثورة، وقد كُتب في وسطها: “سلام عليكم بما صبرتم”، كأنها تقول إن كل ما حصل لم يكن عبثًا، بل ثمرة لصبر طويل وأصبحت الجدران تنطق بما سُكت عنه عقودًا.

عَبّرت جدارية أخرى بكلماتها الشاعرية عن شوقٍ دفين:
“يا حارة العاصي إليك قد انتهى أملي، وأنت المُبتغى والمُنتهى، قلبي يرى المحاسن فيك كلّها، يا حمص يا أم الحجار السود”.

وأصبحت الكلمات بمثابة عهد جديد بين المدينة وأبنائها، بعد زمنٍ طُمست فيه المشاعر تحت أقدام الرعب.

رُسم نسر شامخ إلى جانبه ساعة حمص الجديدة، ودوِّنت عبارة:
“أتظن أنك قد طمست هويتي، ومحوت تاريخي ومعتقداتي؟ عبثًا تحاول، لا فناء لثائر، أنا كالقيامة ذات يوم آت”.

أصبحت الجدران تنطق بثقة، لا بخوف، وتُعلن استمرار الحلم مهما كانت التضحيات.

خُلّدت صورة الشهيد عبد الباسط الساروت في جدارية وبقربها الساعة الجديدة، إلى جانب عبارة:
“شهيدنا لا ما مات”.

أصبحت هذه الصورة مرآة لبطولة تتوارثها الأجيال، ورسالة أن الدم لا يُنسى إذا سُكِب لأجل وطن.

وفي جدارية لافتة، ظهر عنصر من الأمن العام يحتضن طفلًا، لتصبح الصورة رمزًا لتحوّل الدلالات بعد التحرير ولم تعد البزّة العسكرية حصرًا مرادفة للقمع، بل تجرّدت للحظة من سلطتها، لتكشف عن وجه إنساني كان مغيّبًا ورآها الناس مفارقة ناطقة، كأنها تقول إن ما كُبت طويلًا بدأ يظهر حتى من داخل رموز القوة السابقة.

انبثقت من ركام الحصار والدمار فنونٌ تعبّر عن الحياة، بعد أن كانت المدينة تتنفس الخوف فقط.

وأصبحت اليوم تتنفس حرية، كما كُتب على إحدى الجداريات بجانب قيودٍ مكسورة: “سوريا تتنفس حرية.”

لم تكن الجدران يوماً مجرّد إسمنتٍ مطلي، بل كانت وما تزال دفاتر مفتوحة لنبض الناس، بعد التحرير استعادت حمص صوتها، ورسم أبناؤها على حيطانها ما عجزوا عن قوله لسنوات ولكل لون حكاية، ولكل عبارة دمعة وذكرى وأمل وما كُتب على الجدران ليس فنّاً فحسب، بل وثيقة حيّة تُدوّن كيف وُلدت الحرية من رحم الخوف، وكيف نهضت المدينة من بين الركام لتقول للعالم: ما زلنا هنا، وما زال فينا متّسع للحلم.

اقرأ المزيد

يلا سوريا – هيا عبد المنان الفاعور

أُقيم معرض خيري للألبسة المستعملة في كنيسة مار جاورجيوس بحي الحميدية في حمص، استمر على مدى ثلاثة أيام، وفتح أبوابه أمام العائلات الباحثة عن حلول بديلة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة والمعرض حمل طابعًا إنسانيًا وعمليًا في آنٍ معًا، وكان ثمرة تعاون بين كاهن الكنيسة وفرقة سيدات ناشطة تعمل منذ سنوات في خدمة المجتمع.

وتحدث الأب ميخائيل رباحية، كاهن كنيسة مار جاورجيوس، عن خلفيات هذا المعرض، موضحًا:
“توجد لدينا فرقة سيدات، ونحن دائماً نجتمع ونسعى لتنظيم نشاط اجتماعي جميل ولاحظنا أن في بيوت كثيرين منا ألبسة لم نعد بحاجة لها، وهناك رغبة بالعطاء نحاول ترسيخها في أكثر من مناسبة قمنا بها.

“الجميل في الأمر أننا جميعاً متفقون على عدم التوزيع المجاني، لأن المجانية تُشعر وكأنك تتحنّن على الناس، وهذا أمر غير لائق”.

“عندما بدأنا، كان سعر القطعة 500 ليرة فقط، أما اليوم فأصبح بين 5000 إلى 10000 ليرة، وهذا لا يُعدّ رقماً كبيراً، لكن بمجرد أن الشخص يدفع، فإنه يشتري لأولاده بكرامة”.

“وطبعاً، السيدات على دراية كاملة بأنه حين يُلاحظ وجود شخص محتاج فعلاً، ولا يملك حتى 5000 ليرة، فإننا نقدّم له دون تردد”.

كل البضاعة المعروضة مغسولة ومكويّة، ومن قدّموا الثياب يعلمون أنها ستعود بعائد بسيط للكنيسة.
صحيح أن العائدات ليست كبيرة، لكنها تمثل نوعاً من العطاء المتبادل الذي قامت به السيدات، وتجاوب الناس معه وهكذا.. من خلال تعاونهم، يساعد الناس بعضهم بعضاً”.

وأوضحت المسؤولة عن التنظيم أن هذا المعرض ليس وليد اللحظة، بل هو ثمرة سنوات من العمل، وقالت:
“نحن هنا فرقة سيدات مار جاورجيوس، تأسسنا منذ عام 2014، وهذه الفرقة موجودة في حي الحميدية ونقوم بتنظيم المعارض بشكل دوري وسنوي، وهي معارض للألبسة المستعملة بأسعار زهيدة جداً لا تُعتبر أسعاراً فعلية.

نحن نستقبل الثياب، ونقوم بتجهيزها، وتنسيقها، ثم نعرضها للبيع بأسعار تتراوح بين 5000 إلى 10000 ليرة سورية. الهدف هو إيصال هذه الملابس لأكبر عدد ممكن من الناس غير القادرين على الشراء من الأسواق.

هذا الأمر فعلاً يُريح العائلات، خاصة مع وجود أقسام متنوعة “ولادي، نسائي، ورجالي”.

وأضافت المساعدة في التنظيم تفاصيل عن تفاعل المجتمع مع المعرض، قائلة: “معرض كنيسة مار جاورجيوس يُقام بشكل دوري، بين فترة وأخرى، وهو يعتمد على تقديمات الناس المحيطين وأهالي الكنيسة.

“الفكرة تقوم على أن من غير الصواب الاحتفاظ بأشياء في منازلنا لم نعد نستخدمها، في حين يمكن لعائلات أخرى الاستفادة منها.

أما القطع المعروضة فهي جميلة ومميزة، ويحدث أحياناً أن ترتديها طفلك سابقاً، ثم ترتديها ابنة جارك أو صديقتك، فيشعر الإنسان حينها حقاً بأننا يد واحدة، وأن الخير لا يزال قائماً بين الناس”.

المعرض يمتد لمدة ثلاثة أيام، ويخلق جواً من الألفة والتشاركية بين الناس”.

هكذا تحوّل فائض البيوت إلى مبادرة خيرية تُسهم في رفع العبء عن كاهل العائلات، وتُجسد روح المحبة والتعاون وليس الهدف من هذه الفعالية جمع المال، بل بناء الجسور بين الناس من خلال العطاء المشترك، والحرص على أن يبقى الكرامة محفوظة في كل تفاصيل العون.

اقرأ المزيد

يلا سوريا – هيا عبد المنان الفاعور

بتاريخ 2 حزيران، زار وفد من مشروع “حوار لأجل السلام” التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP مدينة حمص، والتقى بعدد من الفاعلين المجتمعيين وممثلي الجمعيات والمبادرات والفرق التطوعية، بهدف الاستماع لتجاربهم ومناقشة آليات التعاون لتعزيز التماسك المجتمعي وترسيخ السلام.

وشارك في اللقاء ممثلون عن عدة جهات مجتمعية، من بينها فريق “يلا سوريا”، حيث طرح المشاركون أجندة ترتكز على البحث عن نقاط الالتقاء المشتركة بين الفرق، بعيدًا عن جذور الخلاف التي أخذت حيزًا من الواقع السوري خلال السنوات الماضية. وأعطى مثالا عن المحور الاقتصادي على أن “الفقر قد يكون أحد العناوين الجامعة في هذا المحور”، كما قال أحد ممثلي البرنامج.

وأوضح المتحدث أن الفريق الأممي جاء ليستمع لما “يجمع الناس” لا ما يفرقهم، لأن الجميع بحسب تعبيره قد اختبر الانقسام طيلة 14 عامًا، واليوم بات من الضروري التوقف عند القواسم المشتركة، والعمل على بلورة مشاريع ترتكز على التحديات المعيشية والاجتماعية التي تطال الجميع بلا استثناء.

وركّز الحاضرون على أهمية البعد المؤسساتي الذي يشمل كافة الجهات، مؤكدين أن التحديات الاقتصادية والاجتماعية تشكل نقاط التقاء واقعية وعملية، يمكن البناء عليها لتأسيس أرضية مشتركة للحوار والتعاون المستقبلي.

وتناول اللقاء بشكل موسّع محور “حوارات لأجل السلام”، والذي حاز على الاهتمام الأكبر من جميع الحضور، حيث عبّر الجميع عن رغبتهم في تطوير هذا المحور من خلال أنشطة ومبادرات مشتركة تكرّس مفاهيم التعايش وتقبّل الآخر.

وطلب ممثلو المشروع من المشاركين تسليط الضوء على طبيعة عمل كل فريق أو مبادرة، بهدف تنسيق الجهود وتوحيد الرؤى، وعدم ترك العمل المجتمعي مشتّتًا، بل دفعه نحو شراكات جماعية مبنية على الثقة والتكامل، بما يخدم فكرة السلام كمسار مشترك.

اقرأ المزيد

يلا سوريا – هيا عبد المنان الفاعور

بدأت الأسواق في مدينة حمص تشهد حركة متزايدة، إلا أن الواقع المعيشي الصعب جعل من الزينة والازدحام مظهراً لا يعكس بالضرورة انتعاشاً حقيقياً في البيع والشراء.

ورصدت منصة “يلا سوريا” من خلال جولة آراء أصحاب المحلات والمواطنين حول الأسعار وأجواء التسوق.

أصحاب المحال بين التحديات والواقع الاقتصادي:

قال منذر الأسعد – صاحب محل هدايا واكسسوارات: “حركة البيع ضعيفة جدًا، وقلة السيولة تؤثر بشكل واضح على السوق، الناس تنقسم بين من يشتري ومن يسأل ثم يرحل، الغالبية تقتصر على شراء الضروريات فقط”.

ويضيف: “إيجارات المحلات مرتفعة جدًا، وهذا يضغط علينا كثيرًا، رغم انخفاض الدولار، السوق لم يتحسن كما كنا نأمل، نحن نحاول موازنة الربح مع مراعاة ظروف الزبائن، لكن الأمر صعب”.

وقالت مريم دالاتي – صاحبة محل ألبسة نسائية وأطفال: “أحيانًا أتنازل عن جزء من الربح مراعاةً لظروف الزبائن”، رغم أن ذلك يؤثر على رأسمالي، أتمنى من التجار الكبار أن يراعوا قدرة الناس، لأن السوق لا يتحرك إلا عندما يكون هناك تعاون”.

وقال عبيدة أرناؤوط – صاحب محل ألبسة رجالية: “الوضع متدهور، وحركة البيع بطيئة، الزبائن يأتون لشراء ضرورياتهم فقط. رغم الرغبة في دعم الزبائن، إلا أن ارتفاع الإيجارات والكلف يجعل الأمر معقدًا”.

وأضاف: “الحل يكمن في تعاون الجميع وتخفيف الأسعار لتسهيل القدرة الشرائية، فالوضع الحالي لا يرضي أحداً”.

آراء المواطنين: بين التشاؤم والتفاؤل الحذر:

وقالت عائشة المصري: “الأسعار مرتفعة رغم انخفاض الدولار، وهذا لا يتناسب مع الدخل، الناس في الشارع لا تبدو عليها علامات الفرح، فالهموم لا تزال ثقيلة”.

وتضيف: “فرحة العيد الحقيقية تكون عندما يعود الاستقرار ويرتفع مستوى المعيشة ورغم ذلك، يبقى الناس يتطلعون للفرح ولو بأبسط الطرق”.

وقال محمد السيواسلي: “رغم الظروف الصعبة، أعتقد أن هناك تحسنًا نسبيًا في بعض القطاعات، بعض المحال بدأت تخفض أسعارها لجذب الزبائن، لا يجب أن نفقد الأمل، فالفرصة موجودة للتعافي”.

ويقول: “عيد الفرح هو فرح العائلة، وإذا استطاعت الأسرة توفير بعض الاحتياجات، فذلك يكفي لخلق أجواء العيد”.

وقالت ليلى الحمود: “الوضع ليس سهلاً، لكني أرى أن هناك وعيًا متزايدًا عند الناس حول أهمية الاقتصاد والتوفير، كثير من الناس يخططون جيدًا لتلبية حاجاتهم في العيد دون إفراط”.

وتضيف: “الفرح لا يكون فقط في الشراء، بل في مشاركة اللحظات مع الأهل والأصدقاء”.

من بين شقوق التعب… يمر العيد
ورغم ثقل الظروف وغياب الانتعاش الحقيقي، يبقى العيد مساحة يتشبث بها الناس للفرح ولو من بين شقوق التعب.

فبين من يبيع بمحبة ومن يشتري بحذر، تتشكل مشاهد العيد في حمص بصبر أهلها، وأملهم بأن القادم يحمل فرجًا يليق بقلوب اعتادت الصمود.

اقرأ المزيد

يلا سوريا – هيا عبد المنان الفاعور

باتت أرصفة مدينة حمص ملاذ العشرات من الباعة الذين يفترشونها على أمل رزق يومي يسد رمق العيش.

هم أصحاب البسطات، عمال اليوم الواحد الذين لا يملكون محالاً تجارية، ولا عقوداً ثابتة، بل يعتمدون على ما تجود به الأيام.

ورغم بساطة تجارتهم، إلا أن الواقع الذي يواجهونه لا يخلو من التحديات، سواء كانت إدارية أو اقتصادية أو حتى إنسانية.

أوضح أحمد نواف، أحد الباعة، أن أكبر التحديات التي يواجهها هي التنقل المستمر وعدم القدرة على الاستقرار في موقع محدد، حيث تُمنع البسطات من بعض المناطق وتُطلب منهم المشاركة في البازارات.

“التنقل من مكان إلى آخر يحمّلنا تكاليف عالية، خصوصًا أجور نقل البضاعة، وأحيانًا لا نغطي حتى هذه التكاليف، مما يجعل العمل بلا جدوى اقتصادية”.

وأشار إلى أن بعض المناطق التي يُطلب منهم البيع فيها لا تشهد حركة تجارية نشطة، الأمر الذي يؤثر على المبيعات سلبًا، موضحًا أن البسطة الدائمة أفضل من بازار موسمي غير فعّال.

البازارات: فرصة محدودة أم عبء إضافي؟

من وجهة نظر أبو محمود، فإن كثيرًا من الباعة لا يملكون خيارًا سوى العمل على بسطات بسيطة، معتبرًا أن إنشاء البازارات لا يُعد حلاً فعليًا إذا لم يُرافقه دعم حقيقي.

“تكاليف النقل إلى هذه البازارات مرتفعة، والزبائن غالبًا لا يتمكنون من الوصول إليها، ما يقلل من فرص البيع ويضعف الدخل اليومي”.

لكنه يرى في عمله إنجازًا شخصيًا، مضيفًا: “النجاح الأكبر بالنسبة لي أنني استطعت إعالة أسرتي بجهدي، دون الحاجة للديون أو طلب المساعدة”.

ويقترح حلاً واضحًا: “لو تم توفير كولبات”أكشاك” صغيرة بنظام إيجار معقول، لكان الوضع أكثر استقرارًا وعدلاً”.

من المحل إلى الرصيف… وقصة فقدان الأمل:

فارس نور الدين، بائع آخر، كانت له تجربة مختلفة، بعد أن اضطر لإغلاق محل تجاري لبيع الأحذية بسبب ارتفاع الإيجارات وقلة حركة البيع، عاد إلى العمل كبائع متجول.

“أصغر محل بحارة شعبية صار يطلبوا عليه 400 أو 500 دولار شهريًا، وهذا رقم خيالي بالنسبة لناس مثلنا ولو معنا هالمبلغ كنا فتحنا محل بدل ما نوقف تحت الشمس”.

وأضاف: “أنا من الناس اللي كانوا عندهم محل وتركوه واليوم رجعت للبسطة، وماحققت أي نجاح… بالعكس، خسرت كتير.”

ورغم حديثه عن تحسّن نسبي في الأسعار بعد تغيير النظام، حيث أشار إلى أن “الأسعار اليوم صارت تقريبًا بالنصف مقارنة بالسابق”, إلا أن النظرة العامة لديه قاتمة.

“ما ئلنا مستقبل… أي صاحب بسطة معرض بأي لحظة يجي حدا ويقله شيل، وفي الشتوية ما منقدر نشتغل أبدًا، البرد والمطر بيحبسونا بالبيت، نحن نعيش يوم بيوم”.

طلب بسيط… ومكان دائم

أبو حسام، بائع عبّر عن رغبته بالحصول على “براكية” صغيرة في حي الوعر ليتمكن من الاستقرار وبيع مأكولات، لكنه لم يلقَ تجاوبًا حتى الآن.

“وضعنا مؤقت، ومصيرنا دايمًا معلق، مددولنا لنهاية العيد بس، وبعدها الله أعلم وين نروح، أقل شي بدنا مكان صغير نشتغل فيه بشرف.”

خاتمة: بين الحاجة والواقع:

قصص أصحاب البسطات تختلف في التفاصيل، لكنها تتفق في جوهرها، البحث عن الاستقرار وفرصة عمل كريمة، في ظل التحديات الاقتصادية والإدارية الراهنة، تبقى هذه الفئة بحاجة إلى تنظيم ودعم حقيقي لا يقتصر على فرض القوانين، بل يتعداه إلى توفير حلول مرنة تحفظ كرامتهم وتضمن استمرار مصدر دخلهم.

فهل يجد هؤلاء الباعة من يسمع صوتهم قبل أن تسرقهم الشوارع أكثر مما أعطتهم؟

اقرأ المزيد

يلا سوريا – هيا عبد المنان الفاعور

أُقيمت مساء الجمعة 30 نيسان، أمسية شعرية وإنشادية مميزة في قصر الثقافة حملت عنوان “صوت يليق بمن صمدوا”، برعاية مديرية الثقافة في حمص، وبالتعاون مع فريق قيام سوريا وشهدت حضوراً لافتًاً جمع بين الأدب والفن والجمهور المتعطّش للفعاليات الثقافية.

حضور واسع ومتنوع:

امتلأت قاعة قصر الثقافة منذ اللحظات الأولى، حيث حضر مئات من الأشخاص من مختلف الفئات العمرية والاجتماعية، من بينهم عدد كبير من الفرق التطوعية الفاعلة في المدينة، أبرزها فريق يلا سوريا، إلى جانب حضور لافت لشخصيات ثقافية، ومدير قصر الثقافة، مما أضفى طابعًا رسميًا واجتماعيًا على الفعالية.

نجوم المنصة:

تنوّعت فقرات الأمسية بين القصائد الشعرية المليئة بالعاطفة والرمزية، والأناشيد التي لامست القلوب، حيث شارك الشاعر حذيفة العرجي الذي ألهب القاعة بكلماته القوية وإلقائه المتقن.

وشارك الشاعر أنس الدغيم الذي أضاف للأمسية نكهة خاصة بقصائده التي تلامس الوجدان وتعكس عمق التجربة.

وقدم المنشد مالك نور بصوته الشجي باقة من الأناشيد الوجدانية بروح صادقة.

صوت يليق بمن صمدوا”

جاء عنوان الأمسية معروضًا على الشاشة الكبيرة خلف المنصة، كتحية رمزية لمن عاشوا ظروفًا استثنائية وما زالوا متمسكين بالأمل والهوية الثقافية.

وقد انسجمت فقرات الأمسية بالكامل مع هذا العنوان، إذ كانت القصائد والأناشيد تدور في فلك الصمود، والانتماء، والإصرار على البقاء رغم كل شيء.

في الختام…

لاقت الأمسية تفاعلًا كبيرًا من الجمهور، الذي لم يتوقف عن توثيق اللحظات. واختُتمت الأمسية بأنشودة “موطني”، التي ردّدها الجمهور مع المنشد بصوت واحد، في لحظة مؤثرة حملت مشاعر الانتماء والحب للوطن، لتكون نهاية تليق بعنوان الأمسية: “صوت يليق بمن صمدوا”.

لتؤكّد هذه الأمسية، أن الثقافة باقية، وأن الكلمة الراقية قادرة على جمع الناس وإحياء الأمل مهما اشتدت الظروف.

اقرأ المزيد