الجمعة 24 أكتوبر 2025
مادة إعلانية

يلا سوريا – هيا عبد المنان الفاعور

وقّعت وزارة الإعلام السورية مذكرة تفاهم مع شركة “المها الدولية” لإطلاق مشروع “بوابة دمشق”، أول مدينة للإنتاج الإعلامي والفني والسياحي في البلاد.

وأُقيمت مراسم التوقيع اليوم الاثنين 30 حزيران في قصر الشعب بدمشق، برعاية الرئيس أحمد الشرع، وبحضور وزير الإعلام حمزة المصطفى وشخصيات رسمية وإعلامية.

وكشف الوزير أن المشروع سيُنفّذ على مساحة تقارب مليوني متر مربع داخل العاصمة، بتكلفة تقدّر بأكثر من مليار ونصف مليار دولار أمريكي، وهو ما أكده مصدر رسمي حكومي نقلته قناة الجزيرة كجزء من الجهود التنموية الوطنية.

وأوضح المصطفى أن المدينة ستحتوي على استوديوهات خارجية مصممة على الطراز المعماري العربي والإسلامي، إضافةً لاستوديوهات داخلية مزوّدة بأحدث تجهيزات البث والتسجيل، بما يواكب المعايير العالمية للإنتاج الإعلامي والسينمائي.

وأشار إلى أن المشروع سيخلق أكثر من أربعة آلاف وظيفة دائمة، إلى جانب تسعة آلاف فرصة موسمية، ما يشكل دفعة مهمة للاقتصاد المحلي ويواجه تحديات البطالة والفقر كما تناقلتها تقارير عنب بلدي التي وصفت المبادرة بأنها “رافعة نوعية” لخلق فرص جديدة وتحريك عجلة السوق المحلية.

وشدّد الوزير على أن بوابة دمشق “خطوة استراتيجية ضمن الرؤية التنموية”, ترمي لجذب الاستثمارات النوعية، خاصة في الإعلام والسياحة.

وتطرقت صحيفة الوطن إلى أن الحكومة الجديدة تراهن على المشروع لتقوية دور الإعلام كأداة تعزيز الاستقرار وكسر عزلة سوريا.

قال المصطفى: “نحرص على أن يكون الإعلام السوري شريكًا في التنمية ومعبّرًا عن سوريا الجديدة”.
ركّز الوزير على ضرورة استخدام تكنولوجيا الإنتاج المتقدمة لتأهيل الدراما السورية نحو استعادة مكانتها محليًا وخارجيًا، ومنافسة منتجات عالمية.

أوضح أيضًا أن المدينة ستوفر بنية تحتية وخدمات متكاملة من مرافق سياحية ومطاعم ومساحات ترفيهية، تستهدف جذب شركات إقليمية وعالمية للعمل داخلها.

وأضاف الوزير أن المشروع سيدعم إطلاق هوية بصرية وإعلامية جديدة لسوريا، قادرة على مواجهة حملات التضليل، عبر محتوى دقيق يسلط الضوء على القضايا السياسية والمعيشية، خاصة في وقت يشهد فيه المواطن تحديات اقتصادية صعبة حسب تقارير الجزيرة.

وأكد محمد العنزي، رئيس مجلس إدارة شركة المها الدولية، أن “المشروع يفتح آفاقًا استثمارية جديدة”، ويجسّد نموذج شراكة مثمر بين القطاعين العام والخاص.

صرّح العنزي: “نحن ملتزمون بتقديم نموذج إنتاجي حديث ينهض بالمحتوى السوري ويُبرز رسالته الحضارية”.

واختُتمت المراسم بكلمة من الوزير المصطفى أكّد فيها أن بوابة دمشق ستكون نقلة نوعية في المشهد الإعلامي، وتمثّل منصة استراتيجية لتكريس صورة سورية معاصرة ومستقبلية.

اقرأ المزيد

يلا سوريا _ رنيم سيد سليمان

أعلنت الحكومة السورية وقف استيراد السيارات المستعملة، في خطوة تهدف إلى ضبط سوق السيارات وتقليل الضغط على احتياطي القطع الأجنبي.

وأثار القرار جدلًا واسعًا بين مؤيديه ومعارضيه، خصوصًا في ظل ظروف اقتصادية معقدة تعيشها البلاد.

وأصدرت وزارة الاقتصاد والصناعة السورية قرارًا بإيقاف استيراد السيارات المستعملة اعتبارًا من الأحد 29 حزيران 2025، مع استثناءات محددة تشمل الآليات الإنتاجية الثقيلة، ويأتي هذا القرار استكمالًا لإجراءات سابقة هدفت إلى ضبط فاتورة الاستيراد وتحقيق التوازن في سوق السيارات.

وشمل الاستثناء شاحنات النقل، والرؤوس القاطرة، وآليات الأشغال العامة، والجرارات الزراعية التي لا يتجاوز عمرها عشر سنوات، كما استُثنيت حافلات الركاب التي تتسع لأكثر من 32 مقعدًا بشرط ألا يتجاوز تاريخ صنعها أربع سنوات، ما يعكس تركيز الحكومة على دعم قطاعي الإنتاج والنقل الجماعي.

وأجاز القرار استيراد السيارات الجديدة غير المستعملة بشرط ألا يزيد عمرها عن سنتين، مع التأكيد على إثبات شراء السيارة وأرقام “الشاسيه” لدى الهيئة العامة للمنافذ حتى 6 تموز، ما يشير إلى محاولة ضبط عمليات الاستيراد السابقة على القرار ومنع التلاعب.

وقال وزير الاقتصاد محمد نضال الشعار إن القرار يهدف إلى تنظيم عملية الاستيراد والحد من الهدر وتكاليف الصيانة الناتجة عن السيارات القديمة، مع الحفاظ على موارد القطع الأجنبي، مضيفاً أن السيارات الجديدة أقل كلفة على المدى البعيد وأكثر كفاءة، خصوصًا في بلد يعاني من ضعف البنى التحتية للخدمة والصيانة.

وأدى فتح باب الاستيراد إلى وفرة في السيارات الحديثة، لكن هذا جاء على حساب تجار السيارات الصغار، الذين تضرروا من انخفاض أسعار السيارات القديمة التي يملكونها، واليوم، يُخشى أن يؤدي قرار الإيقاف الجديد إلى رفع أسعار السيارات مجددًا وحرمان المستهلك محدود الدخل من البدائل المتاحة.

وتبقى فعالية القرار مرهونة بمدى قدرة السوق المحلية على تلبية الطلب دون احتكار أو تضخم في الأسعار، في ظل استمرار التحديات الاقتصادية.

ويُنتظر أن يُظهر الواقع في الأشهر المقبلة ما إذا كان هذا الإجراء خطوة إصلاحية مدروسة أم أنه سيفتح الباب لأزمة جديدة في قطاع حيوي يلامس حياة شريحة واسعة من السوريين.

اقرأ المزيد

يلا سوريا- بدر المنلا

انتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية، خبرًا مفاده إحباط الجيش السوري والمخابرات التركية لمحاولة اغتيال الرئيس السوري أحمد الشرع خلال زيارته إلى محافظة درعا.

ونفت وزارة الإعلام السورية، اليوم الأحد، صحة الأنباء التي تداولتها وسائل الإعلام، مؤكدة أن الخبر عار عن الصحة.

ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن مصدر في وزارة الإعلام قوله: “لا صحة لما تم تداوله من قبل عدة وسائل إعلامية عن إحباط الجيش العربي السوري والمخابرات التركية محاولة لاغتيال الرئيس أحمد الشرع خلال زيارته إلى درعا”.

مزاعم إسرائيلية واتهامات لتنظيم الدولة

يأتي هذا النفي الرسمي عقب تقرير نشرته صحيفة “إسرائيل هيوم” العبرية، السبت 28 حزيران، ذكرت فيه أن “الجيش السوري وبالتعاون مع الاستخبارات التركية، أحبطا محاولة اغتيال استهدفت الرئيس الشرع، كانت خلية تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية تقف وراءها”.

وادعت الصحيفة أن “الخلية تضم عناصر من درعا يقودها شخص يُعتقد أنه على صلته بمليشيا حزب الله”، وأن الجيش السوري اعتقل قائد الخلية قبل يوم واحد من زيارة الرئيس الشرع إلى المدينة.

زيارة درعا.. رسائل سياسية وأمنية

وزار الرئيس الشرع محافظة درعا في السادس من حزيران الجاري، بالتزامن مع أول أيام عيد الأضحى، في زيارة وُصفت بالرمزية، وسط إجراءات أمنية غير مسبوقة.

وخلال زيارته، التقى الشرع بمحافظ درعا وعدد من المسؤولين، كما أجرى لقاءات مع شخصيات من المجتمع المدني في قصر المحافظة. وكان من المقرر أن يؤدي صلاة العيد في المسجد العمري التاريخي في درعا البلد، لكن الزيارة تأجلت بعد انسحاب مفاجئ لعناصر الجيش من محيط المسجد، قبل أن يتم لاحقاً تأمين الموقع ويدخله الرئيس لأداء صلاة العصر، دون أن يُلقي خطاباً كما كان متوقعاً.

إجراءات أمنية مشددة وقطع طرق

شهدت الزيارة استنفاراً أمنياً واسع النطاق، تضمن إغلاق طرق رئيسية مثل أوتوستراد دمشق–درعا، ونشر عشرات الحواجز داخل المدينة، إضافة إلى عمليات تفتيش دقيقة للمارة والسيارات.

محاولات اغتيال بين الحقيقة والدعاية

في ظل غياب تأكيدات مستقلة، تبقى الأنباء عن محاولة اغتيال الشرع بين النفي الرسمي والروايات الإعلامية التي تتحدث عن تنسيق أمني استخباراتي إقليمي، بينما يفسر مراقبون هذه المزاعم ضمن سياق الحرب الإعلامية والتجاذبات السياسية الإقليمية، لا سيما في ظل الانقسام الدولي حول مسار الانتقال السياسي في سوريا.

اقرأ المزيد

يلا سوريا – هيا عبد المنان الفاعور

في وقت يُفترض أن تكون فيه المرحلة الثانوية (البكالوريا) بوابة عبور للجامعات والطموحات، تحوّلت هذه السنة المصيرية في حياة الطلاب إلى كابوس حقيقي.

ففي ظل غلاء لا يرحم، ومناهج توصف بأنها “أثقل من أن تُحمل”، يجد طلاب البكالوريا في سوريا أنفسهم محاصرين بين الدروس الخصوصية المكلفة والمعاهد المرتفعة الرسوم، وبين مدارس حكومية لا تفي بالغرض، حسب رأي شريحة واسعة منهم.

ومن منصة “يلا سوريا”، نسلّط الضوء على حجم المعاناة التي يعيشها الطالب السوري، ونعرض تجارب طلاب يحاولون الصمود في وجه التحديات.

ترتفع كلفة الدروس الخصوصية بشكل جنوني، إذ وصل سعر الساعة الواحدة في بعض المواد الأساسية مثل الرياضيات والفيزياء إلى 70 ألف ليرة، ما يعني أن الطالب يحتاج إلى مئات الألوف لتغطية شهر واحد فقط من المتابعة.

تتضاعف هذه الأرقام عند الحديث عن المعاهد، حيث تبلغ دورة الرياضيات الصيفية نحو مليون ليرة، والشتوية 800 ألف، في حين تُكلّف دورة الفيزياء الصيفية مليون ليرة أيضًا، والمكثفة 600 ألف.

تتفاقم المشكلة أكثر عند الدخول في تفاصيل المواد، حيث لا تُشرح بعض الوحدات كاملة في المعاهد مثل “التحليل التوافقي والاحتمالات والتكامل”، ما يُجبر الطالب على الالتحاق بدورات إضافية تصل كلفتها إلى 400 ألف ليرة.

أما دورة العلوم، فتكلف صيفًا 800 ألف وشتاءً 600 ألف.

وتُضاف إلى هذه الأعباء رسوم التسجيل غير المبررة التي تُطلب قبل بدء الدورات، فضلًا عن الجلسات الامتحانية التي يصل سعر الواحدة منها إلى 60 ألف ليرة، ودورة اللغة الإنكليزية الصيفية التي تُقدّر بـ700 ألف ليرة.

توضح إحدى الأمهات هذا الواقع المؤلم بقولها: “كلما أراد ابني الالتحاق بدورة جديدة، أشعر وكأننا نطلب قرضاً مصرفياً.

نحن نحاول جاهدين ألا يُحرم من مستقبله، ولكن الوضع أصبح فوق طاقتنا.”

وتؤكد أن تكلفة السنة الدراسية لطالب بكالوريا قد تصل إلى ما يقارب 30 مليون ليرة سورية، وربما أكثر.

يروي ليث. ع، 18 سنة – علمي تجربته قائلاً: “أنا طالب، ولست بنكاً متنقلاً، هناك مصاريف جديدة كل أسبوع، اضطررت إلى إلغاء دورة اللغة الإنكليزية من أجل توفير المال لدورة الفيزياء.”

ويضيف بحرقة: “أصبحنا نخوض الامتحانات وكأنها لعبة حظ، ونسأل أنفسنا: لماذا يُحرم طالب من كلية الطب بسبب علامتين في سؤال عن مشاعر الشاعر؟!”

تنتقل المعاناة إلى الطالبة سارة. ك، 17 سنة – أدبي التي تعبّر بصوت يختلط فيه الأمل بالألم: “أشعر أن العلم أصبح لمن يملك المال فقط، لا أستطيع متابعة كل الدورات، فأكتفي بما أستطيع تحمّله، وأحاول أن أعتمد على نفسي في باقي المواد ولكن الحقيقة مؤلمة فالمعلومات التي أحتاجها غير متوفرة في المدرسة والدروس الخصوصية تكلّف أكثر مما تقدر عليه عائلتي.

وتختم قائلة: “صرنا نقسّم المواد حسب الدخل… وكأننا نشتري مستقبلنا بالتقسيط.”

ويصف رامي. م، 18 سنة – علمي جانبًا آخر من الأزمة من زاوية المحتوى الدراسي وضغوطه:
“نحن نُغرق بالمعلومات بطريقة مرهقة، دون أي فائدة حقيقية وبعض الأسئلة تُطرح فقط ليتحدى بها المدرسون بعضهم بعضاً، وليس من أجل تقييمنا.”

ثم يتساءل بحسرة:
“لن يسألني أحد في كلية الطب عن عاطفة الشاعر في القصيدة، بل سيسألوني عن حالة مريض على ما نخسر مستقبلنا بسبب سؤال لا علاقة له بتخصصنا الذي نريده؟”

ولا تقلّ تجربة رُبى. ح، 18 سنة – أدبي قسوة، حيث توضح كيف أن الأعباء المادية أثّرت حتى على قراراتهم التعليمية:
“أنا وأختي في مرحلة البكالوريا، وأمي لا تستطيع تحمل تكاليف الدورات لكلينا، لذلك قررنا الاعتماد على منصة اليوتيوب لتخفيف الضغط على أهلنا.”

وتختصر الوضع بجملة مؤلمة:
“نحن لا نريد أن نكون عبئاً على أهلنا، ولكن الوضع أصبح لا يُطاق.”

يتحدث الأستاذ إسماعيل. م عن سبب تزايد الاعتماد على المعاهد والدورات قائلاً:
“بعض الزملاء يكتفون بشرح القليل، لأنهم متأكدون أن الطلاب سيتجهون للمعاهد الخاصة والدروس المدفوعة وهذا الواقع يدمر جوهر العملية التعليمية.”

تستمر فصول هذه المعاناة مع كل عام دراسي جديد، دون أن تلوح في الأفق بوادر إصلاح حقيقية في حين يجد الطالب السوري نفسه عالقًا بين أعباء تعليم ترهق عائلته ومنهج يفوق طاقته العقلية والنفسية، فإننا لا نتحدث عن أزمة عابرة، بل عن كارثة تربوية واجتماعية تهدد مستقبل جيل كامل.

من منصة ‘يلا سوريا’ نرفع صوت كل طالب أنهكه الغلاء، اجعلوا الطريق إلى المستقبل أيسر، فالتعليم حق لا يجب أن يكون رهينة المال.

اقرأ المزيد

يلا سوريا _ رنيم سيد سليمان

تحمل حمص جراحها بصمت، وتعيش اليوم وجعًا جديدًا فوق ما عانته من حصار وتجويع ودمار، في المدينة التي صمدت وسط النار، ودُمرت أحياؤها حجراً حجراً، ودفعت أرواح أبنائها ثمنًا للكرامة، يُطارِد العطش أهلها كقدر يومي قاسٍ لا مهرب منه.

تجفّ الصنابير في أحياء ذاقت لهيب الحرب، كـ البياضة، الخالدية، ديربعلبة، جورة الشياح، وغيرهم، وتنتظر العائلات وعودًا لا تأتي، وتتكرر جمل المسؤولين دون أثر، إذ يشتري الناس الماء بأسعار باهظة، أو يقطعون مسافات للحصول على ما يكفي ليوم أو اثنين، بينما ترتفع درجات الحرارة وتنعدم الحلول.

تغيب الكهرباء عن القرى التي تملك آبارًا، وتتوقف المولدات عن العمل بسبب فقدان المحروقات أو ضعف الإمكانات التشغيلية. تُترك العائلات هناك في عزّ الصيف بلا نقطة ماء، رغم أن الماء موجود تحت أقدامهم. تزداد المعاناة بصمت، ولا تبدو هناك خطة واضحة تضمن الحد الأدنى من الاستجابة السريعة.

يتحول الحصول على الماء إلى عبء يومي يُثقل كاهل الأهالي، ويُربك تفاصيل حياتهم. يضطر الناس لتغيير عاداتهم، وتأجيل أعمالهم، والتفرغ لتعبئة ما تيسّر من الصهاريج أو الجوارير. تصبح المياه لا مجرّد حاجة، بل محورًا ينظّم اليوم والوقت والطاقة، ويترك أثره في كل بيت ومدرسة وشارع.

تكشف الأزمة عمق الإرباك لا في الموارد فقط، بل في آليات العمل والاستجابة. يعاني الناس من آثار قرارات غير مدروسة، أو خطط لا تواكب حجم الحاجة. لا أحد يسأل كيف تعيش الأمهات مع أطفال عطشى، ولا كيف تمرّ الليالي في منازل لا ماء فيها.

تستحق حمص أن تُروى، لا لأنها عطشى فحسب، بل لأنها عاصمة الثورة التي صبرت على ما لم يصبر عليه غيرها، فلا يليق بها أن تُقابل بالصمت بعد كل ما قدمته، وإن كان الصبر قد طالت أيامه، فالعطش لا ينتظر.

الحق في الماء ليس رفاهية… بل حياة.

اقرأ المزيد

يلا سوريا _ رنيم سيد سليمان

الثورة السورية لم تكن طريقًا سهلًا، لكنها كانت الطريق الوحيد.
خرج الناس في وجه الظلم لا طلبًا للفتات، بل لاستعادة ما سُرق من كرامة هذا الشعب لعقود، واجهوا القصف والرصاص والمعتقلات، فاستشهد من استشهد، وغاب من غاب، وبقي من كُتب له أن يحمل آثار المعركة في جسده إلى الأبد.

الإعاقة لم تكن نهاية الرحلة، بل بداية شكل جديد من النضال، فمن فقدوا أطرافهم، أو أُصيبوا بشلل دائم، أو خرجوا من المعتقلات بجراح لا تندمل، لم يغيبوا عن الساحة، ولم يُهزموا.
أجسادهم ربما انكسرت… لكن أرواحهم لم ولن تنحني.

يقول “ماهر .ن” (٣٩عامًا) من إحدى مدن الريف الشمالي في سوريا:
“أُصبت في قصف للطيران الحربي على أحد المراكز المدنية في بداية عام 2014. كنت أعمل متطوعًا في توثيق الجرائم وقتها، الشظايا أصابت عمودي الفقري، وأصبحت عاجزًا عن المشي.
أيام صعبة عشتها بعد الإصابة، لكن لم أندم يومًا. الثورة ما خلّتني بس أحلم بالحرية، هي علّمتني أعيشها، حتى لو فقدت القدرة على الوقوف.”

خلّفت الثورة السورية آلاف المصابين بإعاقات دائمة، أغلبها نتيجة القصف الممنهج على المناطق السكنية، أو التعذيب الوحشي في المعتقلات، أو الاستهداف المباشر للمدنيين أثناء المظاهرات.

من بين هذه الحالات، نجد من فقدوا أطرافهم، أو بصرهم، أو حركتهم بالكامل، لكن الكثير منهم رفضوا الانعزال أو الانكسار، وواصلوا مسيرتهم من مواقع جديدة: في الإعلام، أو التوثيق، أو التعليم، أو الإغاثة.

يواجه المصابون بإعاقات في مناطق الشمال السوري خاصةً تحديات ضخمة في حياتهم اليومية.
غياب البنية التحتية المناسبة، وانعدام مراكز التأهيل المتخصصة، ونقص الأدوات الطبية وأجهزة المساعدة، يجعل من أبسط الأنشطة تحديًا مرهقًا.

ومع ذلك، نراهم حاضرين في الفعاليات، ناشطين على الأرض، ومتفاعلين مع قضايا مجتمعهم، رغم الإهمال الذي يعانونه على المستوى المؤسسي.

لم تكن سوريا قبل الثورة مهيّأة لرعاية ذوي الإعاقة، وكانت النظرة المجتمعية لهم قائمة على الشفقة لا الحقوق.
ومع اشتداد الحرب، انهارت المؤسسات، وتفككت شبكات الحماية، فغابت السياسات والبرامج، وتُرك المتضررون لمصيرهم.
ومع أن بعض المبادرات المحلية حاولت تغطية الفراغ، فإن الواقع ما زال بعيدًا عن الحد الأدنى من الكرامة والعدالة.

أبطال الثورة من ذوي الإعاقة لم يكونوا ضحايا مرحلة، بل شهداء أحياء يحملون ذاكرة الثورة في أجسادهم، إعاقتهم لا تعني غيابهم، بل هي شهادة دائمة على بشاعة النظام من جهة، وعلى شجاعة الموقف من جهة أخرى.

إن تجاهل هذه الفئة خيانة أخلاقية وإنسانية لروح الثورة، فانتصار الثورة لا يُقاس فقط بسقوط النظام، بل أيضًا بقدرتنا على بناء مجتمع لا يُقصي من ضحّوا من أجله.

ومن واجبنا أن نحملهم في الذاكرة والعمل، لا كحالات إنسانية فقط، بل كجزء أصيل من مستقبل سوريا الحرة.

اقرأ المزيد