يلا سوريا – رنيم سيد سليمان
أعلنت منظمة “الدفاع المدني السوري” عن نتائج عمل فرقها في هذا المجال.
وقال “منير مصطفى” مدير “الدفاع المدني السوري”، إن فرق المنظمة اكتشفت 111 سجنًا استخدمها النظام البائد لاعتقال السوريين خلال فترات القمع.
وأوضح مصطفى أن الأرقام المتداولة حول أعداد المفقودين والمغيبين، التي تشير إلى أكثر من 140 ألف حالة، هي تقديرات صادرة عن منظمات إنسانية، وليست أرقامًا دقيقة أو رسمية.
وأشار مصطفى إلى أن العدد الحقيقي قد يكون أكبر بكثير، في ظل غياب الإحصاءات الموثوقة خلال سنوات القمع، حيث كانت عمليات الاعتقال تتم بشكل عشوائي ومنهجي دون تسجيل أو إشراف قضائي، وشدد على أن استمرار عمليات التوثيق ضروري لفهم حجم الكارثة بشكل أفضل.
وأكد أن “الدفاع المدني السوري” سيكون له دور في الهيئة الوطنية للمفقودين، التي أُنشئت مؤخرًا بموجب مرسوم رئاسي صادر عن الرئيس السوري “أحمد الشرع”، مضيفًا أن التواصل مع الهيئة قد بدأ، وأنها أبدت استعدادًا للتعاون مع الجهات المعنية بهذا الملف.
“سوريا ثانية تحت الأرض”… واقع صنعه نظام مجرم وكشفته الثورة
مع اندلاع الثورة السورية عام 2011، بدأ يتكشّف وجه خفي لسوريا لم يكن ظاهرًا على السطح، وجه لم يكن يُرى في الإعلام أو في الخرائط، بل في تفاصيل المعاناة اليومية لعشرات الآلاف من العائلات التي فُقد أبناؤها فجأة، ولم يظهر لهم أثر لسنوات.
تحت الأرض “حرفيًا” ومجازًا ، كانت هناك دولة موازية يديرها نظام الأسد البائد، دولة من السجون والأقبية وغرف التحقيق وممرات العتمة، حيث يُسحق الإنسان بلا تهمة واضحة، وبلا أي رقابة أو محاسبة.
كانت هذه “سوريا ثانية” غائبة عن أنظار العالم، ومخفية عن سكان البلاد أنفسهم، وبعد التحرير ظهرت معالم هذه البنية القمعية: أبنية حكومية حُفرت تحتها الزنزانات، مدارس تحوّلت إلى مراكز اعتقال، أقبية عثر فيها على أدوات تعذيب وكتابات تركها معتقلون على الجدران كأنها رسائل أخيرة.
ما كشفته الثورة لم يكن مجرّد مراكز احتجاز، بل بنية متكاملة للعنف الممنهج، نظام صنع منظومة سرية للإخفاء، لا تعتمد فقط على السجون المعروفة مثل صيدنايا وعدرا والمزة، بل على شبكة من المواقع غير الرسمية التي لا تحمل أسماء،
حيث لا تُسجل فيها الأسماء، ولا يخرج منها المعتقلون إلا جثثًا أو في أحسن الأحوال بعد فقدانهم الجسدي والنفسي، هذه البنية لم تكن عشوائية، بل مدروسة ومنظمة، هدفها ليس فقط إسكات المعارضين، بل خلق حالة عامة من الخوف والإنكار والضياع.
هذه “سوريا الثانية تحت الأرض” لا تزال موجودة، وإن خفَت الأضواء حولها، لكنها محفورة في ذاكرة السوريين الذين عاشوا لحظات فقد أو نجوا من الاعتقال، وتنتظر العدالة التي لم تتحقق بعد.
يُعد توثيق مواقع الاعتقال خطوة ضرورية في مسار كشف الحقيقة والمحاسبة رغم صعوبة الملف وتعقيداته.
يمثل التعاون بين الجهات العاملة على الأرض، كالدفاع المدني السوري والهيئة الوطنية للمفقودين، نقطة تحرك جديدة باتجاه الاعتراف بمعاناة عشرات الآلاف من العائلات، والعمل الجاد على كشف مصير أبنائهم، بعيدًا عن التسييس والتجاهل.
Facebook
Twitter
YouTube
TikTok
Telegram
Instagram