محامو حمص ينتقدون إجراءات السلم الأهلي
يلا سوريا- بدر المنلا
أثار المؤتمر الصحفي الأخير للجنة السلم الأهلي في دمشق جدلاً واسعاً، بعد إعلانها منح “الأمان” للقيادي السابق في قوات النظام فادي صقر، والإفراج عن عدد من الضباط العسكريين الموقوفين، ما دفع محامين في محافظة حمص إلى توجيه انتقادات حادة، واعتبار ما جرى “تجاوزاً خطيراً لمبادئ العدالة الانتقالية وانتهاكاً لحقوق الضحايا”.
وفي بيان رسمي، قالت لجنة العدالة الانتقالية والدفاع عن حقوق الإنسان في فرع نقابة المحامين بحمص، إنّ لجنة السلم الأهلي ارتكبت “خرقاً دستورياً” من خلال إعفاء شخصيات متهمة بانتهاكات جسيمة من المساءلة، معتبرة أن هذه الخطوة تشكل “صك عفو وغفران” وتغفل الحقوق القانونية للضحايا وأولياء الدم.
انتقادات لمؤتمر صحفي أثار غضب الشارع الحقوقي
كان المتحدث باسم لجنة السلم الأهلي، حسن صوفان، قد أعلن خلال مؤتمر صحفي عقده يوم الثلاثاء في وزارة الإعلام، أن الدولة السورية منحت “الأمان” لفادي صقر، وهو شخصية أمنية بارزة في السنوات الماضية، مشيراً إلى دور الأخير في “تفكيك العقد الاجتماعية وحل المشكلات المحلية”.
وأضاف صوفان أن عدداً من الضباط العاملين ممن سلموا أنفسهم في مناطق السخنة وعلى الحدود العراقية أُفرج عنهم بعد التحقق من عدم تورطهم في جرائم حرب، مؤكداً أنهم “لم يخضعوا لأي محاكمات لأن التحقيقات لم تثبت إدانتهم”.
إلا أن محامي حمص اعتبروا تصريحات صوفان “استفزازاً مباشراً” للضحايا، مشددين على أن “لا أحد يملك صلاحية إسقاط الحق العام أو العفو سوى السلطة القضائية، ولا يحق لأي لجنة سياسية أو أمنية تجاوز هذا الدور تحت أي ذريعة”.
انتهاك للدستور وتجاوز لاختصاصات القضاء
وأكد البيان أن ما حدث يتناقض بشكل صريح مع المادة 49 من الإعلان الدستوري، التي تشترط إنشاء هيئة متخصصة بالعدالة الانتقالية، تشرك الضحايا في آليات المحاسبة وجبر الضرر، وترتكز إلى مبدأ كشف الحقيقة ومحاسبة الجناة.
ورأى المحامون أن منح العفو دون محاكمات عادلة وشفافة “يشكل سابقة خطيرة تهدد ثقة المجتمع السوري في مسار العدالة الانتقالية”، وتنذر بتقويض أي فرصة مستقبلية لبناء دولة قانون تقوم على المحاسبة لا على التسويات الفوقية.
تحذير من إعادة إنتاج الاستبداد
وفي لهجة شديدة، رفض المحامون تبرير تلك الإجراءات تحت شعار “مصلحة الدولة”، معتبرين أن طي صفحة الجرائم دون الاعتراف بها ومساءلة مرتكبيها “لا يؤدي إلا إلى إعادة إنتاج الاستبداد ونسف فرص المصالحة الوطنية الحقيقية”.
ودعوا في بيانهم إلى العودة إلى المسار القانوني، والالتزام بإطار العدالة الانتقالية كما نصّت عليه الوثائق الدستورية والمواثيق الدولية، محذرين من أن “تحويل العدالة إلى مجرد تفاهمات سياسية، يفرغها من مضمونها، ويزرع بذور العنف مجدداً”.
صوفان: لسنا بديلاً عن القضاء.. لكننا نواجه لحظة استثنائية
شدد حسن صوفان على أن اللجنة لا تعتبر ما قامت به بديلاً عن مسار العدالة، موضحاً أن “الظرف الاستثنائي الذي تمر به البلاد يفرض التعامل بمرونة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه”، حسب تعبيره.
وأضاف أن عمل اللجنة يسير بالتوازي مع اللجنة الوطنية للعدالة الانتقالية التي شُكّلت بمرسوم رئاسي، مؤكداً أن الخطوات المتخذة “مؤقتة ومرحلية” في سياق حماية الاستقرار.
ورغم محاولات التهدئة، فإن ردود الفعل الحقوقية تشير إلى تصاعد الغضب في الأوساط القانونية والمدنية، لا سيما في المدن التي شهدت أكبر الانتهاكات خلال السنوات الماضية، وفي طليعتها حمص، التي دفعت ثمناً باهظاً في سياق الصراع السوري.
Facebook
Twitter
YouTube
TikTok
Telegram
Instagram