يلا سوريا – بدر المنلا
أعلن “الحزب الإسلامي التركستاني”، أحد أبرز الفصائل الجهادية الأجنبية التي نشطت في سوريا خلال السنوات الماضية، حلّ نفسه رسمياً، وانضمام ما يقارب 3500 من مقاتليه إلى صفوف الجيش السوري.
ونقلت وكالة “رويترز” عن ثلاثة مسؤولين سوريين في وزارة الدفاع، قولهم إن غالبية هؤلاء المقاتلين ينحدرون من أقلية الإيغور المسلمة في الصين، بالإضافة إلى جنسيات أخرى من دول آسيا الوسطى، وسينضمون إلى “الفرقة 84” التي شُكّلت مؤخراً وتضم عناصر سوريين أيضاً، ووفق المصادر، جاء هذا التحول بدعم وتنسيق مباشر مع الولايات المتحدة الأمريكية.
دمج مشروط بموافقة واشنطن
أكد المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، توماس باراك، أن واشنطن أعطت الضوء الأخضر لهذه الخطوة بشرط أن تتم بشفافية كاملة، مضيفاً: “أود أن أقول إن هناك تفاهماً وشفافية، ومن الأفضل إبقاء هؤلاء المقاتلين، وكثير منهم موالون بشدة للإدارة السورية الجديدة، ضمن مشروع الدولة بدلاً من استبعادهم”.
وبحسب مسؤولين في الدفاع السورية، فإن هذا القرار يندرج ضمن خطة إعادة هيكلة الجيش، واحتواء الفصائل الأجنبية التي كانت حتى وقت قريب توصف بأنها “مصدر تهديد أمني دائم” في المنطقة.
بيان رسمي من الحزب
أصدر المسؤول السياسي في “الحزب الإسلامي التركستاني”، عثمان بوغرا، بياناً مكتوباً أكد فيه حلّ الحزب بشكل كامل، موضحاً أن المقاتلين أصبحوا الآن تحت سلطة وزارة الدفاع السورية، ويلتزمون بالسياسة الوطنية، وليس لديهم أي ارتباطات خارجية، سواء أكانت سياسية أو عسكرية.
وأضاف بوغرا: “نحن الآن جزء من الدولة السورية، ونعمل تحت قيادتها، ملتزمين بمستقبل موحد وسلمي للبلاد”.
تحذيرات أوروبية وقلق دولي سابق
كان ملف المقاتلين الأجانب في سوريا من أكثر النقاط إثارة للجدل خلال الأشهر الماضية، إذ عبّر ثلاثة مبعوثين أوروبيين، خلال اجتماع جمعهم مع وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، عن قلقهم العميق من استمرار وجود “المقاتلين الجهاديين”، معتبرين أن أي دعم دولي للحكومة الجديدة سيبقى مشروطًا بإجراءات حاسمة في هذا الملف.
كما حذر دبلوماسيون أمريكيون وفرنسيون وألمان، دمشق من أن تعيين مقاتلين أجانب في مناصب عسكرية عليا قد يمثل “تهديداً أمنياً” ويؤثر سلباً على صورة سوريا في محيطها الدولي، خاصة في ظل المساعي الجارية لإعادة العلاقات مع دول إقليمية وغربية.
رؤية القيادة السورية الجديدة
قال الرئيس السوري أحمد الشرع إن “دمج المقاتلين الأجانب في مؤسسات الدولة ليس خياراً مستحيلاً، بل قد يكون ضرورياً في مرحلة بناء الاستقرار”، مشيراً إلى أن البعض من هؤلاء حصلوا على الجنسية السورية، كما تم تعيين ستة أجانب في وظائف عسكرية بوزارة الدفاع، من أصل خمسين وظيفة أُعلنت رسمياً.
نقلة نوعية أم مخاطرة محسوبة؟
يثير قرار دمج آلاف المقاتلين الأجانب في الجيش السوري تساؤلات حول مستقبل المؤسسة العسكرية السورية، ومدى قدرة القيادة الجديدة على ضمان ولاء هؤلاء المقاتلين وتحويلهم إلى جزء من بنية الدولة لا خصماً مؤجلاً لها.
في المقابل، يرى مراقبون أن هذه الخطوة قد تفتح الباب أمام “نموذج سوري مختلف”، قادر على إعادة تدوير الصراعات المسلحة إلى مشروع سياسي وعسكري تحت سيطرة الدولة، خاصة مع الغطاء الدولي الظاهري الذي رافقها.
Facebook
Twitter
YouTube
TikTok
Telegram
Instagram